للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله)]

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فقد كنا قد انتهينا في تفسير سورة الأنعام إلى قول الله جل وعلا: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنعام:٣٠].

ثم قال الله بعدها: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [الأنعام:٣١].

إن التكذيب بلقاء الله ينجم عنه عدم استعداد للقائه، فيصاب الإنسان الكافر بالخسران؛ لأنه جاء له يوم لم يرقبه ولم يقدم له، قال الله: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر:٢٤].

والآية زاخرة بالكثير من المعاني التي يمكن الإبحار فيها، ولكنها في الجملة تبين ندامة أهل الشرك يوم القيامة، وهذا ظاهر في هذه الآية وفي الآيات التي قبلها، وهو ظاهر في الآيات التي بعدها، ولهذا قد لا تحتاج إلى مزيد بيان لمعناها الإجمالي.

و (قد) حرف تحقيق إذا جاء بعده الماضي اتفاقاً، ولكن الاختلاف فيما إذا جاء بعده المضارع، والصواب أن يقال: إذا كان الكلام عن الله فهي حرف تحقيق لا محالة في الماضي والمضارع، أما إذا كان عن غير الله فهي في الماضي للتحقيق وفي المضارع للظن.