[تفسير قوله تعالى:(ليس عليكم جناح أن تبتغوا من عرفات)]
ثم قال ربنا:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}[البقرة:١٩٨] قلنا: الجناح: الإثم، {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة:١٩٨] وسبب النزول: أن العرب كانت تتحرج من التجارة في الحج، فبين الله جل وعلا أن لا حرج في ذلك فقال جل شأنه وهو المشرع:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ}[البقرة:١٩٨] وعرفات: بقعة، وقد اختلف في سبب تسميتها بذلك إلى عدة أقوال من أشهرها: أن آدم التقى بـ حواء فيها فعرفها.
وقال آخرون: إن جبريل عليه السلام عرف إبراهيم المناسك في عرفات.
واختار ابن عطية رحمه الله: أنه اسم وضعي لا سبب له.
والتنوين في عرفات من حيث الصناعة النحوية: تنوين مقابلة، لا تنوين تمكين، ومعنى تنوين مقابلة أي: هذا التنوين يقابل شيئاً آخر، وهو النون في جمع المذكر.
مثاله: مسلمون جمع مذكر سالم، يقابل نونه التنوين الذي في كلمة: عرفات، وقلنا: إنه تنوين مقابلة؛ تنوين التمكين لا يلحق الأسماء غير المنصرفة، وعرفات: اسم غير منصرف في الأصل لسببين: العلمية والتأنيث.