[تفسير قوله تعالى:(وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله)]
ثم ذكر الله خطاب الفتية بعضهم إلى بعض، فهم يحتاجون إلى أن يثبت بعضهم بعضاً.
ومن هنا ينبغي أن تكون الحوارات في المنزل المؤمن والأسرة المؤمنة وبين الأصدقاء المؤمنين حوارات تثبيت، وحوارات إيمانية تزيد في الإيمان.
قال الله جل وعلا:{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ}[الكهف:١٦] يخاطب بعضهم بعضاً، {وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا}[الكهف:١٦]، فجزمت (ينشرْ)، وجزمت (يهيئْ)؛ لأنهما واقعان في جواب الطلب وهو قوله تعالى:{فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا}[الكهف:١٦] فأخذوا بهذا الرأي، ولجئوا إلى الكهف فنشر الله جل وعلا عليهم من رحمته، وأفاء الرب تبارك وتعالى عليهم من عطائه، وآواهم جل وعلا أعظم الإيواء، وهذا الإيواء سيأتي بيانه بعد ذلك في قول الله جل وعلا:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ}[الكهف:١٧].
إن الله جل وعلا رحيم بخلقه شفيق بعباده، قال سبحانه:{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ}[الشورى:١٩] لكن كلما عظم إيمان المرء ورسخ في قلبه محبة الله وتبرأ المؤمن من كل أحد غير الله كان أقرب إلى رحمة الله جل وعلا وفضله ولطفه، وينال من عند الله بمقدار ما لله جل وعلا في قلبه.