[تفسير قوله تعالى:(بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته)]
قال الله جل وعلا مجيباً لهم:{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٨١](من) من ألفاظ العموم، فالقرآن أعظم من أن ينزل لقضية واحدة، والله جل وعلا ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب، وهاتان الآيتان فاصلتان، قال الله:{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً}[البقرة:٨١]، وقال بعدها:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[البقرة:٨٢]، والمعنى ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب، كل أحد في كل مصر أو في كل عصر إذا اكتسب سيئة وأحاطت به خطيئته أي مات على الكفر فهذا مخلد في النار كائناً من كان، ولو كان والد نبي كأبي إبراهيم، أو ابن نبي كـ كنعان بن نوح، أو عم نبي كـ أبي لهب وأبي طالب، ومن آمن وعمل صالحاً ومات على الإيمان ووافى الله بالإيمان فهذا كتب الله جل وعلا له الجنة؛ لأن الله اشترط فقال:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ}[البقرة:٤٠](أوفوا بعهدي) أي: امتثلوا أوامري.
(أوف بعهدكم) أي بالقبول والثواب، فهذا مآله الجنة أياً كان والده وأياً كانت أمه.
مثلاً العاص بن وائل السهمي كان من صناديد الكفار وابنه عمرو صحابي، وخالد سيف الله وأبوه الوليد بن المغيرة نزل فيه ما نزل من القرآن، فلا يوجد بين الله وبين خلقه تلك المعايير الموجودة في الدنيا، ليس بين الله وبين أحد من خلقه إلا الإيمان والعمل الصالح، وهذا ينبغي أن يستحضره المؤمن في كل آية يتلوها في كتاب الله.