للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكمة إفراد الصديق]

قوله تعالى: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور:٦١].

ذكر الله من سبق بصيغة الجمع، غير الصديق، فالصديق ذكره بصيغة الإفراد، هنا فلماذا ذكر بصيغة الإفراد؟ قال: أهل العلم المعنيون بالبيان: الصديق عزيز، والصداقة فشيء نادر، ولهذا أفردها الله، ألا ترى إلى قول الله على لسان الجهنميين: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء:١٠٠] بالجمع للكثرة {وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء:١٠١]؛ لأن الصديق يعز في الدنيا، والعرب تقول: لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد أصبغ فعلمت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي فهم يقولون: إن الخل الوفي ليس ممتنعاً، ولكنه نادر، فمن أجل ذلك قالوا: أفرد الله جل وعلا كلمة الصديق.

ثم قال ربنا: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور:٦١] هذا دلالة على أن المؤانسة تقع، وأن المؤاكلة أمر حسن، سواء أكلنا متفرقين، -وهو معنى (أشتاتاً) - أو مجتمعين، وهو معنى قوله جل وعلا: (جميعاً).