للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله)]

ثم قال ربنا تبارك وتعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} [البقرة:٢١٣] إلى آخر الآية.

قوله: (كَانَ النَّاسُ) هذا عام أريد به الخاص؛ لأن كلمة الناس عامة، لكنه يقال: عام أريد به الخاص،

و

السؤال

من الخاص؟ لأنه لو قلنا عام فالناس واضحة، لكن لما خصصناه قلنا: عام أريد به الخاص، فينصرف إلى القرون التي كانت من آدم إلى نوح، فالناس لفظ عام أريد به الخاص هنا، أي أريد به أناس خاصون وهم القرون التي عاشت من لدن آدم إلى نوح، وكانت عشرة قرون، فهؤلاء كانوا على الفطرة لا يشركون مع الله غيره، وهذا معنى قول الله: ((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)) أي: على دين واحد.

ومن معاني (أمة) الدين والملة، وقد مر معنا كثيراً تحرير كلمة أمة.

((كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً)) فهناك إيجاز حذف وهو أنهم اختلفوا وحادوا عن الفطرة، وغيروا الدين، قال الله بعدها: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [البقرة:٢١٣]، وأولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده، وأعان الله على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.