للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مراحل تحريم الخمر]

والآن ننتقل إلى الارتباط بين الخمر والميسر، لقد كانت الأجواء في الجاهلية كما بيّنا في اللقاء الماضي يغلب عليها الفراغ في الوقت والفراغ الروحي من باب أولى، فكان التغامر بينهم والمغامرة والشرب يذهب الكثير من أوقاتهم، وينجم عنه نوع من التسلية، ويجازفون بأهليهم وأموالهم عياذاً بالله؛ لهذا جاء القرآن بتحريم الخمر تدريجياً، وهذه الآية التي بين أيدينا هل هي الأولى أم الثانية؟ على قولين للعلماء: فمن جعل من العلماء تحريم الخمر مر بثلاث مراحل يجعل هذه الآية هي الآية الأولى، والثانية هي: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:٤٣]، والثالثة وهي الخاتمة {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [المائدة:٩١] والتي صدرها: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:٩٠].

وفريق يقول: الأصل أنها أربع مراحل بدأت من القرآن المكي؛ لأن القرآن المكي فيه سورة النحل، والله قال في سورة النحل: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} [النحل:٦٧] ولم ينعته، ولم يصفه بأنه حسن، ثم قال: {وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل:٦٧]، فأثنى على الرزق وقيده ووصفه ونعته بالحسن ولم يصف ولم يقيد السكر، فكأن هذا إرهاصاً أن ثمة أمر سيأتي في مسألة السكر.

وعلى هذا فنحن نعتد بهذا القول ونرى أن هذه الآية هي الثانية في مراحل التحريم.

هذا من حيث تحريم الخمر.