للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشد علي من ألف من العجم، إن اللَّه أذهب مصدوقتهم، ووهن كيدهم، فلا يروعنكم زهاء ترونه، ولا سواد ولا قسي فج، ولا نبال طوال، فإنهم إذا أعجلوا عنها أو فقدوها، كالبهائم أينما وجهتموها اتجهت.

وقال ربعي وهو يحدث المثنى: لما رأيت ركود الحرب واحتدامها، قلت: تترسوا بالمجان، فإنهم شادون عليكم، فاصبروا لشدتين وأنا زعيم لكم بالظفر في الثالثة، فأجابوني والله، فوفى اللَّه كفالتي.

وقال ابن ذي السهمين محدثا: قلت لأصحابي: إني سمعت الأمير يقرأ ويذكر في قراءته الرعب، فما ذكره إلا لفضل عنده، اقتدوا برايتكم، وليحم راجلكم خيلكم، ثم احملوا، فما لقول اللَّه من خلف، فأنجز اللَّه لهم وعده، وكان كما رجوت.

وقال عرفجة محدثا: حزنا كتيبة منهم إلى الفرات، ورجوت أن يكون اللَّه تعالى قد أذن في غرقهم وسلى عنا بها مصيبة الجسر، فلما دخلوا في حد الإحراج، كروا علينا، فقاتلناهم قتالا شديدا حتى قال بعض قومي:

لو أخرت رايتك! فقلت: علي إقدامها، وحملت بها على حاميتهم فقتلته، فولوا نحو الفرات، فما بلغه منهم أحد فيه الروح.

وقال ربعي بْن عامر بْن خالد: كنت مع أبي يوم البويب- قال وسمي البويب يوم الأعشار- أحصي مائة رجل، قتل كل رجل منهم عشرة في المعركة يومئذ، وكان عروة بْن زيد الخيل من أصحاب التسعة، وغالب في بني كنانة من أصحاب التسعة، وعرفجة في الأزد من أصحاب التسعة.

وقتل المشركون فيما بين السكون اليوم إلى شاطئ الفرات، ضفة البويب الشرقية، وذلك أن المثنى بادرهم عند الهزيمة الجسر، فأخذه عليهم، فأخذوا يمنة ويسرة، وتبعهم المسلمون إلى الليل، ومن الغد إلى الليل، وندم المثنى على أخذه بالجسر، وقال: لقد عجزت عجزة وقى اللَّه شرها بمسابقتي إياهم إلى الجسر وقطعه، حتى أحرجتهم، فإني غير عائد، فلا تعودوا

<<  <  ج: ص:  >  >>