للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فو الله للموت مَعَهُ أحب إلي من الخلد معكم، قَالَ: ثُمَّ أقبل عَلَى الناس رافعا صوته، فَقَالَ: عباد اللَّه، لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه، فو الله لا تنال شفاعه محمد ص قوما هراقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم، قَالَ: فناداه رجل فَقَالَ لَهُ: إن أبا عَبْد اللَّهِ يقول لك: أقبل، فلعمري لَئِنْ كَانَ مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ فِي الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ! قَالَ أَبُو مخنف: عن أبي جناب الكلبي، عن عدي بن حرملة، قَالَ: ثُمَّ إن الحر بن يَزِيدَ لما زحف عُمَر بن سَعْدٍ قَالَ لَهُ: أصلحك اللَّه! مقاتل أنت هَذَا الرجل؟ قَالَ: إي وَاللَّهِ قتالا أيسره أن تسقط الرءوس وتطيح الأيدي، قَالَ: أفما لكم فِي واحدة من الخصال الَّتِي عرض عَلَيْكُمْ رضا؟

قَالَ عُمَر بن سَعْد: أما وَاللَّهِ لو كَانَ الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قَدْ أبى ذَلِكَ، قَالَ: فأقبل حَتَّى وقف مِنَ النَّاسِ موقفا، وَمَعَهُ رجل من قومه يقال لَهُ قرة بن قيس، فَقَالَ: يَا قرة، هل سقيت فرسك الْيَوْم؟ قَالَ: لا، قَالَ: إنما تريد أن تسقيه؟ قَالَ: فظننت وَاللَّهِ أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال، وكره أن أراه حين يصنع ذَلِكَ، فيخاف أن أرفعه عَلَيْهِ، فقلت لَهُ:

لم أسقه، وأنا منطلق فساقيه، قَالَ: فاعتزلت ذَلِكَ المكان الَّذِي كَانَ فِيهِ، قَالَ: فو الله لو أنه أطلعني عَلَى الَّذِي يريد لخرجت مَعَهُ إِلَى الْحُسَيْن، قَالَ:

فأخذ يدنو من حُسَيْن قليلا قليلا، فَقَالَ لَهُ رجل من قومه يقال له المهاجر ابن أوس: ما تريد يا بن يَزِيدَ؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء، فقال له يا بن يَزِيدَ؟ أتريد أن تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء، فقال له يا بن يَزِيدَ، وَاللَّهِ إن أمرك لمريب، وَاللَّهِ مَا رأيت مِنْكَ فِي موقف قط مثل شَيْء أراه الآن، ولو قيل لي: من أشجع أهل الْكُوفَة رجلا مَا عدوتك، فما هَذَا الَّذِي أَرَى مِنْكَ! قَالَ: إني وَاللَّهِ أخير نفسي بين الجنه والنار، وو الله لا أختار عَلَى الجنة شَيْئًا ولو قطعت وحرقت، ثم ضرب فرسه فلحق بحسين ع، فقال له: جعلني الله فداك يا بن رَسُول اللَّهِ! أنا صاحبك الَّذِي حبستك عن الرجوع، وسايرتك فِي الطريق،

<<  <  ج: ص:  >  >>