للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجعجعت بك فِي هَذَا المكان، وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا ظننت أن القوم يردون عَلَيْك مَا عرضت عَلَيْهِم أبدا، وَلا يبلغون مِنْكَ هَذِهِ المنزلة فقلت فِي نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم فِي بعض أمرهم، وَلا يرون أني خرجت من طاعتهم وأما هم فسيقبلون من حُسَيْن هَذِهِ الخصال التي يعرض عليهم، وو الله لو ظننت أَنَّهُمْ لا يقبلونها مِنْكَ مَا ركبتها مِنْكَ، وإني قَدْ جئتك تائبا مما كَانَ مني إِلَى ربي، ومواسيا لك بنفسي حَتَّى أموت بين يديك، أفترى ذَلِكَ لي توبة؟

قَالَ: نعم، يتوب اللَّه عَلَيْك، ويغفر لك، مَا اسمك؟ قَالَ: أنا الحر بن يَزِيدَ، [قَالَ: أنت الحر كما سمتك أمك، أنت الحر إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخرة، انزل، قَالَ: أنا لك فارسا خير مني راجلا، أقاتلهم عَلَى فرسي ساعة، وإلى النزول مَا يصير آخر أمري قَالَ الْحُسَيْن: فاصنع يرحمك اللَّه مَا بدا لك] فاستقدم أمام أَصْحَابه ثُمَّ قَالَ: أيها القوم، أَلا تقبلون من حُسَيْن خصلة من هَذِهِ الخصال الَّتِي عرض عَلَيْكُمْ فيعافيكم اللَّه من حربه وقتاله؟ قَالُوا: هَذَا الأمير عُمَر بن سَعْد فكلمه، فكلمه بمثل مَا كلمه بِهِ قبل، وبمثل ما كلم بِهِ أَصْحَابه، قَالَ عمر: قَدْ حرصت، لو وجدت إِلَى ذَلِكَ سبيلا فعلت، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، لأمكم الهبل والعبر إذ دعوتموه حتى إذا أتاكم اسلمتموه، وزعمتم انكم قاتلو أنفسكم دونه، ثُمَّ عدوتم عَلَيْهِ لتقتلوه، أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكظمه، وأحطتم بِهِ من كل جانب، فمنعتموه التوجه فِي بلاد اللَّه العريضة حَتَّى يأمن ويأمن أهل بيته، وأصبح فِي أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعا، وَلا يدفع ضرا، وحلأتموه ونساءه وأصيبيته وأَصْحَابه عن ماء الفرات الجاري الَّذِي يشربه اليهودي والمجوسي والنصراني، وتمرغ فِيهِ خنازير السواد وكلابه، وها هم أولاء قَدْ صرعهم العطش، بئسما خلفتم مُحَمَّدا فِي ذريته! لا سقاكم اللَّه يوم الظمإ إن لم تتوبوا وتنزعوا عما أنتم عَلَيْهِ من يومكم هَذَا فِي ساعتكم هَذِهِ فحملت عَلَيْهِ رجالة

<<  <  ج: ص:  >  >>