من خراجكم، وتبين في نقص أرزاقكم، فتعاهدوا الرعية بالإنصاف، وما كان من الأنهار والبثوق مما نفقة ذلك من السلطان فأسرعوا فيه قبل أن يكثر، وما كان من ذلك على الرعية فعجزوا عنه فأقرضوهم من بيت مال الخراج، فإذا حان أوقات خراجهم، فخذوا من خراج غلاتهم على قدر ما لا يجحف ذلك بهم، ربع في كل سنة أو ثلث أو نصف، لكيلا يشق ذلك عليهم هذا قولي وامرى يا موبذ موبذان، الزم هذا القول، وخذ في هذا الذي سمعت في يومك، أسمعتم أيها الناس! فقالوا: نعم، قد قلت فأحسنت، ونحن فاعلون إن شاء الله: ثم أمر بالطعام فوضع فأكلوا وشربوا، ثم خرجوا وهم له شاكرون.
وكان ملكه مائة وعشرين سنة.
وقد زعم هشام بن الكلبى فيما حدثت عنه أن الرائش بن قيس بن صيفي ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان كان من ملوك اليمن بعد يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ وإخوته، وأن الرائش كان ملكه باليمن أيام ملك منوشهر، وأنه إنما سمي الرائش- واسمه الحارث بن ابى شدد- لغنيمة غنمها من قوم غزاهم فأدخلها اليمن، فسمي لذلك الرائش، وأنه غزا الهند فقتل بها وسبى وغنم الأموال، ورجع إلى اليمن ثم سار منها، فخرج على جبلي طيّئ ثم على الأنبار، ثم على الموصل، وأنه وجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه، يقال له: شمر بن العطاف، فدخل على الترك أرض أذربيجان وهي في أيديهم يومئذ، فقتل المقاتلة وسبى الذرية، وزبر ما كان من مسيره في حجرين، فهما معروفان ببلاد أذربيجان قَالَ: وفي ذلك يقول امرؤ القيس:
ألم يخبرك أن الدهر غول ... ختور العهد يلتقم الرجالا