وكان هشام استعمل الوليد بْن القعقاع على قنسرين وعبد الملك بْن القعقاع على حمص، فضرب الوليد بْن القعقاع ابن هبيرة مائة سوط، فلما قام الوليد هرب بنو القعقاع منه، فعاذوا بقبر يزيد بْن عبد الملك، فبعث إليهم، فدفعهم إلى يزيد بْن عمر بْن هبيرة- وكان على قنسرين- فعذبهم، فمات في العذاب الوليد بْن القعقاع وعبد الملك بْن القعقاع ورجلان معهما من آل القعقاع، واضطغن على الوليد آل الوليد وآل هشام وآل القعقاع واليمانية بما صنع بخالد بْن عبد الله فأتت اليمانية يزيد بْن الوليد، فأرادوه على البيعة، فشاور عمرو بْن يزيد الحكمي، فقال: لا يبايعك الناس على هذا، وشاور أخاك العباس بْن الوليد، فإنه سيد بني مروان، فإن بايعك لم يخالفك أحد، وإن أبى كان الناس له أطوع، فإن أبيت إلا المضي على رأيك فأظهر أن العباس قد بايعك وكانت الشام تلك الأيام وبية، فخرجوا إلى البوادي، وكان يزيد بْن الوليد مُتَبَدِّيًا، وكان العباس بالقسطل بينهما أميال يسيرة.
فحدثني أحمد بْن زهير، قَالَ: حدثني علي، قَالَ: أتى يزيد أخاه العباس، فأخبره وشاوره، وعاب الوليد، فقال له العباس: مهلا يا يزيد، فان في نقض عهد الله فساد الدين والدنيا فرجع يزيد إلى منزله، ودب في الناس فبايعوه سرا، ودس الأحنف الكلبي ويزيد بْن عنبسة السكسكي وقوما من ثقاته من وجوه الناس وأشرافهم، فدعوا الناس سرا، ثم عاود أخاه العباس ومعه قطن مولاهم، فشاوره في ذلك، وأخبره ان قوما يأتونه يريدونه على البيعه، فزبره العباس، وقال: إن عدت لمثل هذا لأشدنك وثاقا، ولأحملنك إلى أمير المؤمنين! فخرج يزيد وقطن، فأرسل العباس إلى قطن، فقال: ويحك يا قطن! أترى يزيد جادا! قَالَ: جعلت فداك! ما أظن ذاك، ولكنه قد دخله مما صنع الوليد ببني هشام وبني الوليد وما يسمع مع الناس من الاستخفاف بالدين وتهاونه ما قد ضاق به ذرعا قَالَ: أما والله إني لأظنه أشأم سخلة في بني مروان، ولولا ما أخاف من عجلة الوليد مع تحامله علينا لشددت يزيد وثاقا، وحملته إليه، فأزجره عن أمره، فإنه يسمع إليك فقال يزيد لقطن: ما قَالَ لك العباس حين رآك؟ فأخبره، فقال له: والله لا أكف