للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا فضل إليه، فكتب:

قد بلغني كتاب امير المؤمنين يسألني التجافي عن مواضع سماها مما أثبته الرشيد في العقد، وجعل أمره إلي، وما أمر رآه أمير المؤمنين أحد يجاوز أكثره، غير أن الذي جعل إلي الطرف الذي أنابه، لا ظنين في النظر لعامته، ولا جاهل بما أسند إلي من أمره، ولو لم يكن ذلك مثبتا بالعهود والمواثيق المأخوذة، ثم كنت على الحال التي أنا عليها من إشراف عدو مخوف الشوكة، وعامة لا تتألف عن هضمها، وأجناد لا يستتبع طاعتها إلا بالأموال وطرف من الإفضال- لكان في نظر أمير المؤمنين لعامته وما يحب من لم أطرافه ما يوجب عليه أن يقسم له كثيرا من عنايته، وأن يستصلحه ببذل كثير من ماله، فكيف بمسألة ما أوجبه الحق، ووكد به مأخوذ العهد! وإني لأعلم أن أمير المؤمنين لو علم من الحال ما علمت لم يطلع بمسألة ما كتب بمسألته إلي ثم أنا على ثقة من القبول بعد البيان إن شاء الله.

وكان المأمون قد وجه حارسة إلى الحد، فلا يجوز رسول من العراق حتى يوجهوه مع ثقات من الأمناء، ولا يدعه يستعلم خبرا ولا يؤثر أثرا، ولا يستتبع بالرغبة ولا بالرهبة أحدا، ولا يبلغ أحدا قولا ولا كتابا فحصر أهل خراسان من أن يستمالوا برغبة، أو أن تودع صدورهم رهبة، أو يحملوا على منزل خلاف أو مفارقة ثم وضع على مراصد الطرق ثقات من الحراس لا يجوز عليهم إلا من لا يدخل الظنة في أمره ممن أتى بجواز في مخرجه إلى دار مآبه، أو تاجر معروف مأمون في نفسه ودينه، ومنع الإشتاتات من جواز السبل والقطع بالمتاجر والوغول في البلدان في هيئة الطارئة والسابلة، وفتشت الكتب.

وكان- فيما ذكر- أول من أقبل من قبل محمد مناظرا في منعه ما كان سأل جماعة، وإنما وجهوا ليعلم أنهم قد عاينوا وسمعوا، ثم يلتمس منهم ان يبذلوا او يحرموا فيكون مما قالوا حجة يحتج بها، أو ذريعه الى ما التمس منها فلما صاروا إلى حد الري، وجدوا تدبيرا مؤيدا، وعقدا مستحصدا متأكدا، وأخذتهم الأحراس من جوانبهم، فحفظوا في حال ظعنهم وإقامتهم من أن يخبروا أو يستخبروا، وكتب بخبرهم من مكانهم، فجاء الإذن في حملهم

<<  <  ج: ص:  >  >>