للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحملوا محروسين، لا خبر يصل إليهم، ولا خبر يتطلع منهم إلى غيرهم، وقد كانوا معدين لبث الخبر في العامة وإظهار الحجة بالمفارقة والدعاء لأهل القوة إلى المخالفة، يبذلون الأموال، ويضمنون لهم معظم الولايات والقطائع والمنازل، فوجدوا جميع ذلك ممنوعا محسوما، حتى صاروا إلى باب المأمون.

وكان الكتاب النافذ معهم إلى المأمون:

أما بعد، فإن أمير المؤمنين الرشيد وإن كان أفردك بالطرف، وضم ما ضم إليك من كور الجبل، تأييدا لأمرك، وتحصينا لطرفك، فإن ذلك لا يوجب لك فضلة المال عن كفايتك وقد كان هذا الطرف وخراجه كافيا لحدثه، ثم تتجاوز بعد الكفاية إلى ما يفضل من رده، وقد ضم لك إلى الطرف كورا من أمهات كور الأموال لا حاجة لك فيها، فالحق فيها أن تكون مردودة في أهلها، ومواضع حقها فكتبت إليك أسألك رد تلك الكور الى ما كانت عليه من حالها، لتكون فضول ردها مصروفة إلى مواضعها، وأن تأذن لقائم بالخبر يكون بحضرتك يؤدي إلينا علم ما نعني به من خبر طرفك، فكتبت تلط دون ذلك بما أن تم أمرك عليه صيرنا الحق إلى مطالبتك، فاثن عن همك أثن عن مطالبتك، إن شاء الله.

فلما قرأ المأمون الكتاب كتب مجيبا له:

أما بعد، فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين، ولم يكتب فيما جهل فأكشف له عن وجهه، ولم يسال ما يوجبه حق فيلزمني الحجة بترك إجابته، وإنما يتجاوز المتناظران منزلة النصفة ما ضاقت النصفة عن أهلها، فمتى تجاوز متجاوز- وهي موجودة الوسع- ولم يكن تجاوزها إلا عن نقضها واحتمال ما في تركها، فلا تبعثني يا بن أبي علي مخالفتك وأنا مذعن بطاعتك، ولا على قطيعتك وأنا على إيثار ما تحب من صلتك، وارض بما حكم به الحق في أمرك أكن بالمكان الذي أنزلني به الحق فيما بيني وبينك والسلام.

ثم أحضر الرسل، فقال: إن أمير المؤمنين كتب في امر كتبت له في جوابه، فأبلغوه الكتاب، وأعلموه أني لا أزال على طاعته، حتى يضطرني

<<  <  ج: ص:  >  >>