بعض جند أهل خراسان نظر إلى دابة كانت أخذت منه في وقعة سليمان بْن أبي جعفر تحت بعض الزواقيل، فتعلق بها، فجرى الأمر بينهما إلى أن اختلفا، واجتمعت جماعة من الزواقيل والجند، فتلاحموا، وأعان كل فريق منهم صاحبه، وتلاطموا وتضاربوا بالأيدي، ومشى بعض الأبناء إلى بعض، فاجتمعوا إلى محمد بن ابى خالد، فقالوا: أنت شيخنا وفارسنا، وقد ركب الزواقيل منا ما قد بلغك، فاجمع أمرنا وإلا استذلونا، وطمعوا فينا، وركبوا بمثل هذا في كل يوم فقال: ما كنت لأدخل في شغب، ولا أشاهدكم على مثل الحالة فاستعد الأبناء وتهيئوا، وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم السيوف، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وذبحوهم في رحالهم، وتنادى الزواقيل، فركبوا خيولهم، ولبسوا أسلحتهم، ونشبت الحرب بينهم وبلغ ذلك عبد الملك بْن صالح، فوجه إليهم رسولا يأمرهم بالكف ووضع السلاح، فرموه بالحجارة، واقتتلوا يومهم ذلك قتالا شديدا، وأكثرت الأبناء القتل في الزواقيل، فأخبر عبد الملك بكثرة من قتل- وكان مريضا مدنفا- فضرب بيده على يد، ثم قال: وا ذلاه! تستضام العرب في دارها ومحلها وبلادها! فغضب من كان أمسك عن الشر من الأبناء، وتفاقم الأمر فيما بينهم، وقام بأمر الأبناء الحسين بْن علي بْن عيسى بْن ماهان، وأصبح الزواقيل، فاجتمعوا بالرقة، واجتمع الأبناء وأهل خراسان بالرافقة، وقام رجل من أهل حمص، فقال: يا أهل حمص، الهرب أهون من العطب، والموت أهون من الذل، إنكم بعدتم عن بلادكم، وخرجتم من أقاليمكم، ترجون الكثرة بعد القلة والعزة بعد الذلة! ألا وفي الشر وقعتم، وإلى حومة الموت أنختم إن المنايا في شوارب المسودة وقلانسهم النفير النفير، قبل أن ينقطع السبيل، وينزل الأمر الجليل، ويفوت المطلب، ويعسر المذهب، ويبعد العمل، ويقترب الأجل! وقام رجل من كلب في غرز ناقته، ثم قَالَ: