للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدا حين صار إلى تلك الحال قد شق عليه ثيابه، ورمى بنفسه إلى الماء.

قَالَ: فخرجت إلى الشط، فعلقني رجل من أصحاب طاهر، فمضى بي إلى رجل قاعد على كرسي من حديد على شط دجلة في ظهر قصر أم جعفر، بين يديه نار توقد، فقال بالفارسية: هذا رجل خرج من الماء ممن غرق من أهل الحراقة، فقال لي: من أنت؟ قلت: من أصحاب هرثمة، انا احمد ابن سلام صاحب شرطة مولى أمير المؤمنين، قَالَ: كذبت فاصدقني، قَالَ: قلت قد صدقتك، قَالَ: فما فعل المخلوع؟ قلت: قد رأيته حين شق عليه ثيابه، وقذف بنفسه في الماء قَالَ: قدموا دابتي، فقدموا دابته، فركب وأمر بي أن أجنب قَالَ: فجعل في عنقي حبل وجنبت، وأخذ في درب الرشدية، فلما انتهى إلى مسجد أسد بْن المرزبان، انبهرت من العدو فلم أقدر أن أعدو، فقال الذي يجنبني: قد قام هذا الرجل، وليس يعدو، قال: انزل، فحذ رأسه، فقلت له: جعلت فداك! لم تقتلني وأنا رجل علي من الله نعمة، ولم أقدر على العدو، وأنا أفدي نفسي بعشرة آلاف درهم قَالَ: فلما سمع ذكر العشرة آلاف درهم، قلت: تحبسني عندك حتى تصبح وتدفع إلي رسولا حتى أرسله إلى وكيلي في منزلي في عسكر المهدي، فإن لم يأتك بالعشرة آلاف فاضرب عنقي قَالَ: قد أنصفت، فأمر بحملي، فحملت ردفا لبعض أصحابه، فمضى بي إلى دار صاحبه، دار أبي صالح الكاتب، فأدخلني الدار، وأمر غلمانه أن يحتفظوا بي، وتقدم إليهم، وأوعز وتفهم مني خبر محمد ووقوعه في الماء، ومضى إلى طاهر ليخبره خبره، فإذا هو إبراهيم البلخي قَالَ: فصيرني غلمانه في بيت من بيوت الدار فيه بوار ووسادتان أو ثلاث- وفي رواية حصر مدرجة- قَالَ: فقعدت في البيت، وصيروا فيه سراجا، وتوثقوا من باب الدار، وقعدوا يتحدثون قَالَ: فلما ذهب من الليل ساعة، إذا نحن بحركة الخيل فدقوا الباب، ففتح لهم، فدخلوا وهم يقولون: يسر زبيدة قَالَ: فأدخل علي رجل عريان عليه سراويل وعمامة متلثم بها، وعلى كتفيه خرقة خلقة، فصيروه معي، وتقدموا إلى من في الدار في حفظه، وخلفوا معهم قوما آخرين أيضا منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>