قال: فرمى وجهها بالكأس، ورمى الصينية برجله، وعاد إلى ما كان فيه من همه، وقتل بعد ذلك بأيام يسيرة.
وذكر عن أبي سعيد أنه قَالَ: ماتت فطيم- وهي أم موسى بْن محمد بْن هارون المخلوع- فجزع عليها جزعا شديدا، وبلغ أم جعفر، فقالت: احملوني إلى أمير المؤمنين، قَالَ: فحملت إليه، فاستقبلها، فقال: يا سيدتي، ماتت فطيم، فقالت:
نفسي فداؤك لا يذهب بك اللهف ... ففي بقائك ممن قد مضى خلف
عوضت موسى فهانت كل مرزئة ... ما بعد موسى على مفقودة أسف
وقالت: أعظم الله أجرك، ووفر صبرك، وجعل العزاء عنها ذخرك! وذكر عن إبراهيم بْن إسماعيل بْن هانئ، ابن أخي أبي نواس، قَالَ:
حدثني أبي قَالَ: هجا عمك أبو نواس مضر في قصيدته التي يقول فيها:
أما قريش فلا افتخار لها ... إلا التجارات من مكاسبها
وأنها إن ذكرت مكرمة ... جاءت قريش تسعى بغالبها
إن قريشا إذا هي انتسبت ... كان لها الشطر من مناسبها
قَالَ: يريد أن أكرمها يغالب قَالَ: فبلغ ذلك الرشيد في حياته، فأمر بحبسه، فلم يزل محبوسا حتى ولي محمد، فقال يمدحه، وكان انقطاعه إليه أيام إمارته، فقال:
تذكر أمين الله والعهد يذكر ... مقامي وإنشاديك والناس حضر
ونثري عليك الدر يا در هاشم ... فيأمن رأى درا على الدر ينثر!
أبوك الذي لم يملك الأرض مثله ... وعمك موسى عدله المتخير
وجدك مهدي الهدى وشقيقه ... أبو أمك الأدنى أبو الفضل جعفر