للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وننصرف بهذه الأموال قد ملكناها دونهم! إنا إذا للئام ثم دعا محمد بْن يزداد، فقال له: وقع لآل فلان بألف ألف، ولآل فلان بمثلها، ولال فلان بمثلها قال: فو الله إن زال كذلك حتى فرق أربعة وعشرين ألف ألف درهم ورجله في الركاب، ثم قَالَ: ادفع الباقي إلى المعلى يعطي جندنا قَالَ العيشي: فجئت حتى قمت نصب عينه، فلم أرد طرفي عنها، لا يلحظني إلا رآني بتلك الحال فقال: يا أبا محمد، وقع لهذا بخمسين ألف درهم من الستة الآلاف الف، لا يختلس ناظري قَالَ: فلم يأت علي ليلتان حتى أخذت المال.

وذكر عن محمد بْن أيوب بْن جعفر بْن سليمان، أنه كان بالبصرة رجل من بني تميم، وكان شاعرا ظريفا خبيثا منكرا، وكنت أنا والي البصرة، أنس به وأستحليه، فأردت أن أخدعه واستنزله، فقلت له: أنت شاعر وأنت ظريف، والمأمون أجود من السحاب الحافل والريح العاصف، فما يمنعك منه؟ قَالَ: ما عندي ما يقلني، قلت: فأنا أعطيك نجيبا فارها، ونفقة سابغة، وتخرج إليه وقد امتدحته، فإنك إن حظيت بلقائه، صرت إلى أمنيتك قَالَ: والله أيها الأمير ما أخالك أبعدت، فأعد لي ما ذكرت.

قَالَ: فدعوت له بنجيب فاره، فقلت: شأنك به فامتطه، قَالَ: هذه إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، فما بال الاخرى! فدعوت له بثلاثمائة درهم، وقلت: هذه نفقتك، قَالَ: أحسبك أيها الأمير قصرت في النفقة، قلت: لا، هي كافية، وإن قصرت عن السرف قَالَ: ومتى رأيت في أكابر سعد سرفا حتى تراه في أصاغرها! فأخذ النجيب والنفقة، ثم عمل ارجوزه ليست بالطويله، فانشد فيها وحذف منها ذكري والثناء علي- وكان ماردا- فقلت له: ما صنعت شيئا قَالَ: وكيف؟ قلت: تأتي الخليفة ولا تثني على أميرك! قال: أيها الأمير أردت أن تخدعني فوجدتني خداعا، ولمثلها ضرب هذا المثل: من ينك العير ينك نياكا، أما والله ما لكرامتي حملتني على نجيبك، ولا جدت لي بمالك الذي ما رامه أحد قط إلا جعل الله خده الأسفل، ولكن لأذكرك

<<  <  ج: ص:  >  >>