أيها الجبل الصعب الذرا المنيع الأركان! ألم أنهك عن هذه المحاربة، وعن نصب نفسك لنا دون فراسياب في هذه المطالبة! ألم أبذل لك نفسي، وأعرض عليك ملكي فلم تحسن الاختيار! ألست الصدوق اللسان، الحافظ للإخوان، الكاتم للأسرار! ألم اعلمك مكر فراسياب وقلة وفائه فلم تفعل ما أمرتك بل مضيت في نومك حتى احتوشتك الليوث من مقاتلتنا وأبناء مملكتنا! ما اغنى عنك فراسياب، وقد فارقت الدنيا وأفنيت آل ويسغان! فويل لحلمك وفهمك! وويل لسخائك وصدقك! إنا بك اليوم لموجعون! ولم يزل كيخسرو يرثي فيران حتى صار إلى علم بي بن جوذرز، فلما وقف عليه وجد بروا بن فشنجان حيا أسيرا في يدي بي، فسأل عنه فأخبر أنه بروا قاتل سياوخش الماثل به عند قتله إياه فقرب منه كيخسرو، ثم طأطأ رأسه بالسجود شكرا لربه، ثم قَالَ: الحمد لله الذي أمكنني منك يا بروا! أنت الذي قتلت سياوخش، ومثلت به! وأنت الذي سلبته زينته وتكلفت من بين الأتراك إبارته، فغرست لنا بفعلك هذه الشجرة من العداوة، وهيجت بيننا هذه المحاربة، وأشعلت في كلا الفريقين نارا موقدة! أنت الذي جرى على يديك تبديل صورته، وتوهين قوته! أما تهيبت أيها التركي جماله! ألا أبقيت عليه للنور الساطع على وجهه! أين نجدتك وقوتك اليوم! وأين أخوك الساحر عن نصرتك! لست أقتلك لقتلك إياه، بل لكلفتك وتوليك ما كان صلاحا لك ألا تتولاه، وسأقتل من قتله ببغيه وجرمه.
ثم أمر أن تقطع أعضاؤه حيا ثم يذبح ففعل ذلك به بي، ولم يزل كيخسرو يمر بعلم علم، وأصبهبذ أصبهبذ، فإذا صار إلى الواحد منهم قَالَ له نحو ما ذكرنا، ثم صار إلى مضاربه، فلما استقر فيها دعا ببرزافره عمه، فلما دخل عليه أجلسه عن يمينه، وأظهر له السرور بقتله جلباذ بن ويسغان مبارزة، ثم أجزل جائزته وملكه على كرمان ومكران ونواحيها، ثم دعا بجوذرز، فلما