للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل عليه قَالَ له: أيها الأصبهبذ الرشيد، والكهل الشفيق، إنه مهما كان من هذا الفتح العظيم فمن ربنا عز وجل، وعن غير حيلة منا ولا قوة، ثم برعايتك حقنا، وبذلك نفسك وأولادك لنا، وذلك مذخور لك عندنا، وقد حبوناك بالمرتبة التي يقال لها بزرجفرمذار، وهي الوزارة، وجعلنا لك أصبهان وجرجان وجبالهما، فأحسن رعاية أهلها فشكر جوذرز ذلك، وخرج من عنده بهجا مسرورا، ثم أمر بالوجوه من أصبهبذته الذين كانوا مع جوذرز ممن حسن بلاؤه، وتولى قتل طراخنة الأتراك، ولد فشنجان وويسغان، مثل جرجين بن ميلاذان، وبي، وشادوس ولخام، وجدمير بن جوذرز، وبيزن بن بي، وبرازه بن بيفغان، وفروذه بن فامدان وزنده بن شابريغان، وبسطام بن كزدهمان، وفرته بن تفارغان فدخلوا عليه رجلا رجلا، فمنهم من ملكه على البلدان الشريفة، ومنهم من خصه بأعمال من أعمال حضرته، ثم لم يلبث أن وردت عليه الكتب من ميلاذ وأغص وشومهان بإثخانهم في بلاد الترك، وأنهم قد هزموا فراسياب عسكرا بعد عسكر، فكتب إليهم أن يجدوا في محاربة القوم، وأن يوافوه بموضع سماه لهم من بلاد الترك.

فزعموا أن العساكر الأربعة لما أحاطت بفراسياب، وأتاه من قتل من قتل، وأسر من أسر، وخراب ما خرب ما أتاه، ضاقت عليه المذاهب، ولم يبق معه من ولده إلا شيده- وكان ساحرا- فوجهه نحو كيخسرو بالعدة والعتاد، فلما وافى كيخسرو أعلم أن أباه إنما وجهه للاحتيال عليه، فجمع أصبهبذته وتقدم إليهم في الاحتراس من غيلته.

وقيل: ان كيخسرو واشفق يومئذ من شيده وهابه، وظن ألا طاقة له به، وأن القتال اتصل بينهما أربعة أيام، وإن رجلا من خاصة كيخسرو يقال له جرد بن جرهمان عبى يومئذ أصحاب كيخسرو، فأحسن تعبيتهم، فكثرت القتلى بينهم واستماتت رجال خنيارث وجدت، وايقن شيده الا طاقة له بهم فانهزم، واتبعه كيخسرو بمن معه، ولحقه جرد فضربه على هامته بالعمود ضربة خر منها ميتا، ووقف كيخسرو على جيفته، فعاين منها سماجة شنعة، وغنم كيخسرو ما كان من عسكرهم، وبلغ الخبر فراسياب، فاقبل بجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>