للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلمت علمه فقال قصير لعمرو بن عدي: اجدع أنفي واضرب ظهري، ودعني وإياها فقال عمرو: ما أنا بفاعل وما أنت لذلك بمستحق مني! فقال قصير: خل عني إذا وخلاك ذم، فذهبت مثلا.

قَالَ ابن الكلبي: كان أبو الزباء اتخذ النفق لها ولأختها، وكان الحصن لأختها في داخل مدينتها، قَالَ: فقال له عمرو، فأنت أبصر، فجدع قصير أنفه، وأثر بظهره، فقالت العرب: لمكر ما جدع أنفه قصير، وفي ذلك يقول المتلمس:

ومن حذر الأوتار ما حز أنفه ... قصير وخاض الموت بالسيف بيهس

ويروى: ورام الموت وقال عدي بن زيد:

كَقَصِيرٍ إِذْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ أَنْ ... جَدَّعَ أَشْرَافَهُ لِشُكْرِ قَصِيرُ

فلما أن جدع قصير أنفه وأثر تلك الآثار بظهره، خرج كأنه هارب، وأظهر أن عمرا فعل به ذلك، وأنه يزعم أنه مكر بخاله جذيمة، وغره من الزباء، فسار قصير حتى قدم على الزباء، فقيل لها: إن قصيرا بالباب، فأمرت به فأدخل عليها، فإذا أنفه قد جدع، وظهره قد ضرب، فقالت:

ما الذي أرى بك يا قصير؟ فقال: زعم عمرو بن عدي أني غررت خاله، وزينت له السير إليك، وغششته ومالأتك عليه، ففعل بي ما ترين! فأقبلت إليك، وعرفت أني لا أكون مع أحد هو أثقل عليه منك فألطفته وأكرمته، وأصابت عنده بعض ما أرادت من الحزم والرأي والتجربة والمعرفة بامور الملوك،

<<  <  ج: ص:  >  >>