للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في السِّفْر الثاني (١) : قَرِّبُوا إليَّ كل يوم خروفين، خروفاً غَدْوةً وخروفاً عَشِيَّةً قُرْباناً دائماً لأحْقَابكم (٢) .

ثم مذهبهم منقوضٌ بصور، إحداها (٣) : أن في التوراة أن السارق إذا سرق في المرَّة الرابعة تُثْقَب أذنه ويباع، وقد اتفقوا (٤) على نسخ ذلك (٥) .

وثانيها: اتفق اليهود والنصارى على أن الله تعالى فَدَىَ ولد إبراهيم من الذبح، وهو نص التوراة (٦) ، وهو أشد أنواع النسخ؛ لأنه قبل الفعل الذي منعه المعتزلة (٧) ، وإذا جاز في الأشدِّ جاز في غيره بطريق الأولى.

وثالثها: في التوراة أن الجمع بين الحُرَّة* والأمَة في النكاح كان

جائزاً في شرع إبراهيم عليه السلام لجمعه عليه السلام بين سارة (٨) الحُرَّة


(١) السفر الثاني هو سفر الخروج؛ لأن السفر الأول هو سفر التكوين. انظر: سفر الخروج، الإصحاح: ٢٩ الفقرات: ٣٨ - ٤٢.
(٢) وهم لا يفعلون ذلك لكونه منسوخاً. والأحْقَاب: جمع حُقُب وحُقْب وهو الدهر. والحُقُب: ثمانون سنة، وقيل أكثر من ذلك. قال الراغب: والصحيح أن الحِقْبة مدة مبهمة. انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني، القاموس المحيط كلاهما مادة " حقب ".
(٣) هكذا في ق. وفي جميع النسخ بالتذكير ((أحدها)) ، والصواب ما في نسخة ق: ((إحداهما)) بالتأنيث موافقةً للمعدود وهو: ((صور)) ومفرده: صُورة. وهكذا يقال في بقية الأعداد الآتية، ففي كلِّ النسخ كُتبت: ثانيها، ثالثها، رابعها، خامسها. والصواب: ثانيتها، ثالثتها ... خامستها. بالتأنيث فإن العدد إذا كان اسم فاعل وجب فيه أبداً أن يُذكَّر مع المذكر ويُؤَنَّث مع المؤنَّث. انظر هذه القاعدة في: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام ٤ / ٢٤٣، ٢٤٨.
(٤) في ن: ((اتفقنا)) والمثبت أوجه؛ لتستقيم الدعوى عليهم.
(٥) انظر: سفر الخروج، الإصحاح: ٢٢ الفقرات: ١ - ٤، وانظر: نفائس الأصول ٦ / ٢٤٣٠.
(٦) انظر: سفر التكوين، الإصحاح: ٢٢ الفقرات: ١ - ١٤، وانظر: الأجوبة الفاخرة ص ٩١، نفائس الأصول ٦/٢٤٣٠. والذبيح - عند اليهود والنصارى كما هو عند بعض المسلمين - هو إسحاق عليه السلام، والصحيح أنه إسماعيل عليه السلام وقد سبق تفصيل الكلام في ذلك في حاشية رقم (١) ص ٤٩.
(٧) مسألة: النسخ قبل التمكن من الفعل وخلاف المذاهب فيها بحثها المصنف في ص ٦٤.
(٨) سارة: هي زوجة إبراهيم عليه السلام، وابنة عَمِّه: هاران الأكبر، وقيل: كانت ابنة ملك حرَّان، وكانت من أحسن النساء وجهاً، وكانت مُنِعَت الولد حتى أسنَّتْ، فوهبها الله إسحاق عليه السلام، ولها قصة - في البخاري برقم (٣٣٥٨) - مع فرعون مصر آنذاك. توفيت بالشام ولها ١٢٤ سنة. وسارة: اسم سامي، ومعناه: السيدة أو الأميرة. انظر: الكامل في التاريخ ١ / ٨٨، فتح الباري لابن حجر ٦ / ٤٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>