للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك في بيته (١) ، الحديثين المشهورين، فَحَمَلْنا الأول على الأَفْضية، والثاني على الأبنية (٢) .

وإذا كانا عامَّيْن لا يمكن حملهما على حالين تعيَّن نسخُ المتأخرِ للمتقدم كانا معلومين أو مظنونين (٣) ؛ لأنا نشترط في الناسخ أن يكون مساوياً أو أقوى (٤) ، ويسقطان مع الجهل لاحتمال النسخ، فكل واحد منهما دائر بين أن يكون ناسخاً حجة أو منسوخاً ليس بحجة، والأصل عدمُ الحكم وبراءة الذمة، فيجب التوقف حتى يتعين موجِب الشَّغْل، وإذا عُلمتْ المقارنة خُيِّر بينهما؛ لأن من (٥) شرط النسخ التراخي، والمقارنة ضِدُّه فلا نسخ، فكل واحد منهما حجة قطعاً فتعيَّن التخيير (٦) ، وإذا (٧) كان المتأخر هو المظنون لم يَنْسَخ المعلومَ، لما تقدَّم: أن القاعدة أنا نشترط في الناسخ أن يكون مساوياً أو أقوى (٨) ، والمظنون أضعف من المعلوم، ويتعين (٩) المعلوم عند جهل التاريخ لرجحانه بكونه معلوماً، ومهما (١٠) ظَفِرْنا بجهة ترجيح تعيَّن العملُ بالراجح.


(١) في ن: ((في بيته يفعل ذلك)) .
* والحديث لفظه عند البخاري (١٤٥، ١٤٨) ، ومسلم (٢٦٦) وخاص (٦٢) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام.
(٢) انظر اختلاف العلماء في مسألة استقبال القبلة واستدبارها ببولٍ أو غائط في: المدونة ١/٧، المحلَّى ١/١٩٣، بداية المجتهد ٢/٩٥، المغني ١/٢٢٠، المجموع ٢/٨١، شرح فتح القدير ١/٤٣٢.
(٣) انظر مثاله في: رفع النقاب للشوشاوي القسم ٢/٩٧٢.
(٤) سبق التعليق على هذا الاشتراط.
(٥) ساقطة من ن.
(٦) لئلا يتهافت الخطاب، إذْ فَرْض المسألة العلم باقترانهما معاً، وليعلم بأن تعيُّن التخيير هنا - وفي المظنونين - إنما يتخرَّج على مذهب القائلين به عند تساوي الأمارتين. لكنْ يجري القول الآخر هنا أيضاً، وهو التساقط والتوقف. انظر: نفائس الأصول ٨/٣٦٩١.
(٧) في س: ((وإن)) وهو جائز أيضاً. انظر: هامش (٧) ص ١٦.
(٨) انظر هذه القاعدة والتعليق عليها ص (٨٣) هامش (٣) .
(٩) في ق: ((فيتعيّن)) وهو خطأ؛ لأن العطف بالفاء يخلُّ بالمعنى، فلا معنى للترتب والتعقيب، وإنما المراد هنا الاستئناف.
(١٠) في ق: ((ومتى)) وهي ظرف زمان شرطية، تصلح أن تثبت هنا أيضاً. وابن مالك يجوِّز ورود " مهما " ظرف زمانٍ أيضاً، لكن ابنه وابن هشام لم يوافقاه على ذلك، بل تحمل على معنى المصدريَّة. انظر: شرح التسهيل ٤ / ٦٩، مغني اللبيب ١ / ٦٢٨، همع الهوامع ٢ / ٤٤٩، ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>