اسْتِئْذَانٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ هُوَ فَتْوَى لِأَنْفُسِهِمَا بِجَوَازِ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ أَقَرَّا عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ تَخَيَّلَ هَذَا فَمَا أَبْعَدَهُ مِنْ خَيَالٍ، أَوْ لَعَلَّهُ ظَفِرَ عَنْهُمَا بِفَتْوَى فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ.
فَصْلٌ [الصَّحَابَةُ سَادَةُ أَهْلِ الْفَتْوَى]
وَكَمَا أَنَّ الصَّحَابَةَ سَادَةُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَقَادَتُهَا فَهُمْ سَادَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْعُلَمَاءِ.
قَالَ اللَّيْثُ عَنْ مُجَاهِدٍ: الْعُلَمَاءُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: ٦] قَالَ: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عُمَيْرٍ: لَمَّا حَضَرَ مُعَاذَ بْنُ جَبَلٍ الْمَوْتُ قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْصِنَا، قَالَ أَجْلِسُونِي، إنَّ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ مَكَانُهُمَا مَنْ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا، يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، الْتَمِسْ الْعِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ: عِنْدَ عُوَيْمِرِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ يَخَامُرَ: لَمَّا حَضَرَتْ مُعَاذًا الْوَفَاةُ بَكَيْتُ، فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْت: وَاَللَّهِ مَا أَبْكِي عَلَى دُنْيَا كُنْتُ أُصِيبُهَا مِنْك، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ اللَّذَيْنِ كُنْتُ أَتَعَلَّمُهُمَا مِنْك، فَقَالَ: إنَّ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ مَكَانُهُمَا، مَنْ ابْتَغَاهُمَا وَجَدَهُمَا، اُطْلُبْ الْعِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةٍ، فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ هَؤُلَاءِ فَسَائِرُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَنْهُ أَعْجَزُ، فَعَلَيْك بِمُعَلِّمِ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَمَا نَزَلَتْ بِي مَسْأَلَةٌ عَجَزْت عَنْهَا إلَّا قُلْت: يَا مُعَلِّمَ إبْرَاهِيمَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: عُلَمَاءُ الْأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَرَجُلٌ بِالشَّامِ، وَآخَرُ بِالْكُوفَةِ، وَآخَرُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَمَّا هَذَانِ فَيَسْأَلَانِ الَّذِي بِالْمَدِينَةِ، وَاَلَّذِي بِالْمَدِينَةِ لَا يَسْأَلُهُمَا عَنْ شَيْءٍ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: ثَلَاثَةٌ يَسْتَفْتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ: فَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَفْتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يَسْتَفْتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: فَقُلْت لِلشَّعْبِيِّ: وَكَانَ أَبُو مُوسَى بِذَاكَ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ أَعْلَمَهُ، قُلْت: فَأَيْنَ مُعَاذٌ؟ فَقَالَ: هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute