الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ بَائِعِهَا، فَإِذَا قَبَضَ الثَّمَنَ أَعْطَاهُ لِلْوَاهِبِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهَا نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ شَيْءٍ وَلَا هِبَةٍ لِغَيْرِهِ، لَكِنْ يَضُمُّ إلَى ثَمَنِهَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ مِنْدِيلًا أَوْ سِكِّينًا وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعِينَةَ عَلَى وَجْهِهَا أَسْهَلُ مِنْ هَذَا التَّكَلُّفِ، وَأَقَلُّ مَفْسَدَةً، وَإِنْ كَانَ الشَّارِعُ قَدْ حَرَّمَ مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ لِمَفْسَدَةٍ فِيهَا فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ لَا تَزُولُ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ، بَلْ هِيَ بِحَالِهَا، وَانْضَمَّ إلَيْهَا مَفْسَدَةٌ أُخْرَى أَعْظَمُ مِنْهَا، وَهِيَ مَفْسَدَةُ الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَاِتِّخَاذِ أَحْكَامِ اللَّهِ هُزُوًا وَهِيَ أَعْظَمُ الْمَفْسَدَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحِيَلِ، لَا تُزِيلُ الْمَفْسَدَةَ الَّتِي حُرِّمَ لِأَجْلِهَا، وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهَا مَفْسَدَةَ الْخِدَاعِ وَالْمَكْرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِينَةُ لَا مَفْسَدَةَ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاحْتِيَالِ عَلَيْهَا. ثُمَّ إنَّ الْعِينَةَ فِي نَفْسِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِيَلِ إلَى الرِّبَا، فَإِذَا تَحَيَّلَ عَلَيْهَا الْمُحْتَالُ صَارَتْ حِيَلًا مُتَضَاعِفَةً، وَمَفَاسِدَ مُتَنَوِّعَةً، وَالْحَقِيقَةُ وَالْقَصْدُ مَعْلُومَانِ لِلَّهِ وَلِلْمَلَائِكَةِ وَلِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلِمَنْ حَضَرَهُمَا مِنْ النَّاسِ، فَلْيَضَعْ أَرْبَابُ الْحِيَلِ مَا شَاءُوا، وَلْيَسْلُكُوا أَيَّةَ طَرِيقٍ سَلَكُوا؛ فَإِنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ بِذَلِكَ عَنْ بَيْعِ مِائَةٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إلَى سَنَةٍ، فَلْيُدْخِلُوا مُحَلِّلَ الرِّبَا أَوْ يُخْرِجُوهُ فَلَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَالْمَقْصُودُ مَعْلُومٌ، وَاَللَّهُ لَا يُخَادَعُ وَلَا تَرُوجُ عَلَيْهِ الْحِيَلُ وَلَا تَلْبَسُ عَلَيْهِ الْأُمُورُ.
[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْمُحْرِمَة إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]
فَصْلٌ
وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ الْبَاطِلَةِ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَيَقُولُ: لَمْ يُعَيِّنْ لِي عَيْبَ كَذَا وَكَذَا؛ أَنْ يُوَكِّلَ رَجُلًا غَرِيبًا لَا يَعْرِفُ فِي بَيْعِهَا، وَيَضْمَنَ لِلْمُشْتَرِي دَرْكَ الْمَبِيعِ، فَإِذَا بَاعَهَا قَبَضَ مِنْهُ رَبُّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ، فَلَا يَجِدُ الْمُشْتَرِي مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ السِّلْعَةَ.
وَهَذَا غِشٌّ حَرَامٌ، وَحِيلَةٌ لَا تُسْقِطُ الْمَأْتَمَ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِصُورَةِ الْحَالِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ الْمُفَرِّطُ، حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ الدَّرَكَ الْمَعْرُوفَ [الَّذِي] يَتَمَكَّنُ مِنْ مُخَاصَمَتِهِ، فَالتَّفْرِيطُ مِنْ هَذَا وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ مِنْ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ]
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ]
وَمِنْ الْحِيَلِ الْمُحَرَّمَةِ الْبَاطِلَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً وَيُرِيدَ وَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْحَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَلَهُ عِدَّةُ حِيَلٍ، مِنْهَا: أَنْ يُزَوِّجَهُ إيَّاهَا الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ، فَتَصِيرُ زَوْجَتَهُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ إيَّاهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ زَوْجَتِهِ، وَقَدْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute