للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْقُطْ بِالِامْتِنَاعِ وَلَزِمَهُمْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمَعْذُورُ الْعَاجِزُ فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ جَعَلَ النَّفَقَةَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ أَبَدًا. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَلَى هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَيَسْمَعُهَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ الدَّعَاوَى، وَأَنَّ الْحَقَّ قَدْ ثَبَتَ وَمُسْتَحِقُّهُ يُنْكِرُ قَبْضَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ فَعَلَى قَوْلِهِمَا يَحْتَاجُ الزَّوْجُ إلَى طَرِيقٍ تُخَلِّصُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى النُّشُورِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُخَلِّصُهُ دَعْوَى عَدَمِ التَّسْلِيمِ الْمُوجِبِ لِلْإِنْفَاقِ لِتَمَكُّنِ الْمَرْأَةِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ فَلَهُ حِيلَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلِلْبَيِّنَةِ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا عَلِمْته وَتَحَقَّقْته بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالْقَرَائِنِ الْمُفِيدَةِ لِلْقَطْعِ؛ فَإِنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِمَا عَلِمَهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ عَلِمَهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَنْ مُسْتَنَدِ التَّحَمُّلِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُبَيِّنَ مُسْتَنَدَهُ فِي الشَّهَادَةِ

وَالْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُنْكِرَ التَّمْكِينَ الْمُوجِبَ لِثُبُوتِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَيَكُونَ صَادِقًا فِي هَذَا الْإِنْكَارِ؛ فَإِنَّ التَّمْكِينَ الْمَاضِي لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ مَا ادَّعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَ قَدْ أَدَّاهُ إلَيْهَا. وَالتَّمْكِينُ الَّذِي يُوجِبُ مَا ادَّعَتْ بِهِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ؛ فَهُوَ صَادِقٌ فِي إنْكَارِهِ.

[الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ شِرَاءُ مَعِيبٍ ثُمَّ تَعَيُّبُهُ عِنْد الْمُشْتَرِي]

[شِرَاءُ مَعِيبٍ ثُمَّ تَعَيُّبُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي] : الْمِثَالُ الثَّامِنَ عَشَرَ: إذَا اشْتَرَى رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ فَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ الْأَرْشِ لِدُخُولِ التَّفَاضُلِ فَالْحِيلَةُ فِي اسْتِدْرَاكِ ظُلَامَتِهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ رِبَوِيًّا مَعِيبًا بِنَظِيرِ الْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَهُ بِالْمَبِيعِ ثُمَّ يَسْتَرْجِعَ مِنْهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ اسْتَرَدَّ مِنْهُ نَظِيرَهُ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْحِيلَةُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي تَجْوِيزِ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَتَمَهُ لَمْ يَمْنَعْ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ تَلِفَ جَمِيعُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْبَائِعِ تَدْلِيسٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ وَمَعَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، وَيَسْتَرِدُّ الْعِوَضَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَحْذُورٌ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الْعَقْدَ؛ فَالزِّيَادَةُ لَيْسَتْ زِيَادَةً فِي عِوَضٍ، فَلَا يَكُونُ رِبًا.

[الْمِثَالُ التَّاسِعَ عَشَرَ إبراء الغريم فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

[إبْرَاءٌ الْغَرِيمِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

الْمِثَالُ التَّاسِعَ عَشَرَ: إذَا أَبْرَأَ الْغَرِيمَ مِنْ دَيْنِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَدَيْنُهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ فَخَافَ الْمُبْرَأُ أَنْ تَقُولَ الْوَرَثَةُ: " لَمْ يُخَلِّفْ مَالًا سِوَى الدَّيْنِ " وَيُطَالِبُونَ بِثُلُثَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>