فَصْلٌ:
[عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ]
وَكَانَ مِنْ الْمُفْتِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْحَابٌ يُعْرَفُونَ، وَالْمُبَلِّغُونَ عَنْ عُمَرَ فُتْيَاهُ وَمَذَاهِبَهُ وَأَحْكَامَهُ فِي الدِّينِ بَعْدَهُ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ الْمُبَلَّغِينَ عَنْ عُثْمَانَ وَالْمُؤَدِّينَ عَنْهُ.
[عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ]
وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَانْتَشَرَتْ أَحْكَامُهُ وَفَتَاوِيهِ، وَلَكِنْ قَاتَلَ اللَّهُ الشِّيعَةَ فَإِنَّهُمْ أَفْسَدُوا كَثِيرًا مِنْ عِلْمِهِ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا تَجِدُ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ الصَّحِيحِ لَا يَعْتَمِدُونَ مِنْ حَدِيثِهِ وَفَتْوَاهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَشُرَيْحٍ وَأَبِي وَائِلٍ وَنَحْوِهِمْ، وَكَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَرَّمَ وَجْهَهُ يَشْكُو عَدَمَ حَمْلَةِ الْعِلْمَ الَّذِي أَوْدَعَهُ كَمَا قَالَ: إنَّ هَهُنَا عِلْمًا لَوْ أَصَبْت لَهُ حَمَلَةً
[فَصْلٌ عَمَّنْ انْتَشَرَ الدِّينُ وَالْفِقْهُ]
وَالدِّينُ وَالْفِقْهُ وَالْعِلْمُ انْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَصْحَابِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ فَعَلِمَ النَّاسُ عَامَّتَهُ عَنْ أَصْحَابِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ؛ فَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَعِلْمُهُمْ عَنْ أَصْحَابِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَعِلْمُهُمْ عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَعِلْمُهُمْ عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ وَجَمَاعَةً مِمَّنْ عَاشَ بَعْدَهُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانُوا يُفْتُونَ بِمَذَاهِبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَا كَانُوا أَخَذُوا عَنْهُ، مِمَّا لَمْ يَكُونُوا حَفِظُوا فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الْفَرَائِضِ فَلِيَأْتِ زَيْدَ بْنِ ثَابِتٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الْفِقْهِ فَلِيَأْتِ مُعَاذَ بْنُ جَبَلٍ، وَمَنْ أَرَادَ الْمَالَ فَلِيَأْتِنِي. وَأَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي الْعِلْمِ وَالْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَكَانَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute