الْمُؤَجَّرَةِ يُجَوِّزُ التَّصَرُّفَ وَلَا يَنْقُلُ الضَّمَانَ، وَقَبْضُ الْعَيْنِ الْمُسْتَامَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَا يُجَوِّزُ التَّصَرُّفَ.
[فَصَلِّ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَنَحْوِهِمَا]
فَصْلٌ:
[بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَنَحْوِهِمَا]
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَالْبَاذِنْجَانِ؛ فَمَنْ مَنَعَ بَيْعَهُ إلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً قَالَ: لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ؛ فَهُوَ كَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ ظُهُورِهَا، وَمَنْ جَوَّزَهُ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ فَقَوْلُهُمْ أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا تَتَمَيَّزُ اللَّقْطَةُ الْمَبِيعَةُ عَنْ غَيْرِهَا، وَلَا تَقُومُ الْمَصْلَحَةُ بِبَيْعِهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ كُلِّفَ النَّاسُ بِهِ؛ لَكَانَ أَشَقَّ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ وَأَعْظَمَهُ ضَرَرًا؛ وَالشَّرِيعَةُ تَأْتِي بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا لَا يُبَاعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَا يَنْهَى الشَّارِعُ عَنْ بَيْعِهِ، وَإِنَّمَا نَهَى الشَّارِعُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِإِمْكَانِ تَأْخِيرِ بَيْعِهَا إلَى وَقْتِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَنَظِيرُ مَا نَهَى عَنْهُ وَأَذِنَ فِيهِ سِوَى بَيْعِ الْمَقَاثِي إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِيهَا وَدُخُولُ الْأَجْزَاءِ وَالْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ بَعْدُ كَدُخُولِ أَجْزَاءِ الثِّمَارِ وَمَا يَتَلَاحَقُ فِي الشَّجَرِ مِنْهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَلْبَتَّةَ
[فَصَلِّ ضَمَانُ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ]
[ضَمَانُ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ]
وَبَنَوْا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، بَلْ دَلَّ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ - بُطْلَانَ ضَمَانِ الْحَدَائِقِ وَالْبَسَاتِينِ، وَقَالُوا: هُوَ بَيْعٌ لِلثَّمَرِ قَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ؛ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَانِعِينَ [حُجَّةٌ عَلَى مَا] ظَنُّوهُ، فَلَا النَّصُّ يَتَنَاوَلُهُ وَلَا مَعْنَاهُ، وَلَمْ تُجْمِعْ الْأُمَّةُ عَلَى بُطْلَانِهِ، فَلَا نَصَّ مَعَ الْمَانِعِينَ وَلَا قِيَاسَ وَلَا إجْمَاعَ؛ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ انْتِفَاءَ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ: أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ ضَمِنَ حَدِيقَةَ أُسَيْدَ بْنِ حُضَيْرٍ ثَلَاثَ سِنِينَ وَتَسَلَّفَ الضَّمَانَ فَقَضَى بِهِ دَيْنًا كَانَ عَلَى أُسَيْدَ، وَهَذَا بِمَشْهَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَنْ جَعَلَ مِثْلَ هَذَا إجْمَاعًا فَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ صَحَابِيٍّ، بَلْ قَوْلَ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، وَهَذَا حُجَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute