للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: ٣٠] {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: ٣١] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ» .

[الْكَذِبِ فِي غَيْرِ الشَّهَادَةِ]

[الْكَذِبُ مِنْ الْكَبَائِرِ]

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَذِبِ فِي غَيْرِ الشَّهَادَةِ: هَلْ هُوَ مِنْ الصَّغَائِرِ أَوْ مِنْ الْكَبَائِرِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ حَكَاهُمَا أَبُو الْحُسَيْنِ فِي تَمَامِهِ، وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْكَبَائِرِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ صِفَاتِ شَرِّ الْبَرِّيَّةِ، وَهُمْ الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ، فَلَمْ يَصِفْ بِهِ إلَّا كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا، وَجَعَلَهُ عَلَمَ أَهْلِ النَّارِ وَشِعَارَهُمْ وَجَعَلَ الصِّدْقَ عَلَمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشِعَارَهُمْ.

وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّهُ يَهْدِي إلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرِّ يَهْدِي إلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيَصْدُقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيَكْذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ» .

وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَكْذِبُ عِنْدَهُ الْكَذْبَةَ فَمَا تَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً» .

وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ثنا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا كَانَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْكَذِبِ، وَمَا جَرَّبَ عَلَى أَحَدٍ كَذِبًا فَرَجَعَ إلَيْهِ مَا كَانَ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْهُ تَوْبَةً» حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيق ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْطَلَ شَهَادَةَ رَجُلٍ فِي كَذْبَةٍ كَذَبَهَا» وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ: " إيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبُ الْإِيمَانَ " يُرْوَى مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا؛ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>