للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا، وَقَالُوا: هُوَ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ، فَكَيْفَ يُعْطِي الْمُدَّعِيَ بِدَعْوَاهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ ، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبُوا أَنْ قَالُوا: مَنْ ادَّعَى لَقِيطًا عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ وَصَفَ عَلَامَاتٍ فِي بَدَنِهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَمْ يَرَوْا ذَلِكَ خِلَافَ الْأُصُولِ، وَقَالُوا: مَنْ ادَّعَى خَصِيًّا وَمَعَاقِدَ قُمُطِهِ مِنْ جِهَتِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خِلَافَ الْأُصُولِ، وَمَنْ ادَّعَى حَائِطًا وَوُجُوهُ الْآجُرِّ مِنْ جِهَتِهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خِلَافَ الْأُصُولِ، وَمَنْ ادَّعَى مَالًا عَلَى غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ قَضَى لَهُ بِدَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خِلَافَ الْأُصُولِ، وَإِذَا ادَّعَى الزَّوْجَانِ مَا فِي الْبَيْتِ قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُهُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خِلَافَ الْأُصُولِ.

وَنَحْنُ نَقُولُ: لَيْسَ فِي الْأُصُولِ مَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ بِدَفْعِ اللُّقَطَةِ إلَى وَاصِفِهَا أَلْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ مُقْتَضَى الْأُصُولِ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ بِوَصْفِهِ أَعْظَمُ مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ، بَلْ وَبِالشَّاهِدَيْنِ، فَوَصْفُهُ بَيِّنَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ، لَا سِيَّمَا وَلَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ؛ فَلَا يَجُوزُ إلْغَاءُ دَلِيلِ صِدْقِهِ مَعَ عَدَمِ مُعَارِضٍ أَقْوَى مِنْهُ؛ فَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ حَقًّا لَا مُوجِبَ السُّنَّةِ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا]

[صَلَاةُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا]

الْمَثَلُ الثَّلَاثُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ الصَّرِيحَةِ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهَا جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، بِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالُوا: مَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا صَحَّ صَوْمُهُ، مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْأُصُولِ وَالْقِيَاسِ، لَكِنْ تَبِعْنَا فِيهِ السُّنَّةَ، فَمَا الَّذِي مَنَعَكُمْ مِنْ تَقْدِيمِ السُّنَّةِ الْأُخْرَى عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأُصُولِ كَمَا قَدَّمْتُمْ خَبَرَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَآثَارِ الْآبَارِ عَلَى الْقِيَاسِ وَالْأُصُولِ؟ .

[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً]

[اشْتِرَاطُ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً]

الْمِثَالُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالُوا: يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا لَوْ قُطِعَتْ لَمْ تَكُنْ مَالًا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يُسَاوِي شَيْئًا أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ لَهُمَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بَقَائِهَا إلَى حِينِ الْكَمَالِ، وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِلْأُصُولِ، وَهُوَ عَيْنُ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْيِيرِ الْوَلَدَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ]

[تَخْيِيرُ الْوَلَدِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ]

الْمِثَالُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَخْيِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَلَدَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، وَقَالُوا: هُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالُوا: إذَا زَوَّجَ الْوَلِيُّ - غَيْرُ الْأَبِ - الصَّغِيرَةَ صَحَّ وَكَانَ النِّكَاحُ لَازِمًا، فَإِذَا بَلَغَتْ انْقَلَبَ جَائِزًا وَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>