للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّ هَذَا الدَّيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ إنَّمَا بَطَلَ؛ لِحَقِّهِمْ، فَإِذَا أَقَرُّوا بِهِ لَزِمَهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ فَلَهُ وَجْهٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ يَثِقُ بِهِ يُقِرُّ لَهُ بِالْمَالِ فَيَدْفَعُهُ الْأَجْنَبِيُّ إلَى رَبِّهِ.

فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ فَلَهُ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً بِقَدْرِ دَيْنِهِ، وَيُقِرُّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ، أَوْ يَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ بِمَحْضَرِ الشُّهُودِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ سِرًّا، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ فَلْيَجْعَلْ الثَّمَنَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَيَكُونُ أَمَانَةً فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ، وَيَتَأَوَّلُ أَوْ يَدَّعِي رَدَّهُ إلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.

وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يُحْضِرَ الْوَارِثُ شَيْئًا ثُمَّ يَبِيعَهُ مِنْ مَوْرُوثِهِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ فَيَقْبِضَهُ وَيَصِيرَ مَالَهُ، ثُمَّ يَهَبَهُ الْمَوْرُوثَ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَقْبِضَهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَهَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ لِلْوَارِثِ، فَإِذَا فُعِلَتْ هَذِهِ الْحِيلَةُ؛ لِيَصِلَ الْمَرِيضُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَالْوَارِثُ إلَى أَخْذِ دَيْنِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا.

[الْمِثَالُ الْخَامِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِحَالَةُ بِالدَّيْنِ وَخَوْفُ هَلَاكِ الْمُحَالِ بِهِ]

[الْإِحَالَةُ بِالدَّيْنِ وَخَوْفُ هَلَاكِ الْمُحَالِ بِهِ]

الْمِثَالُ الْخَامِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا أَحَالَهُ بِدَيْنِهِ عَلَى رَجُلٍ فَخَافَ أَنْ يَتْوَى مَالُهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُحَوِّلُ الْحَقَّ وَتَنْقُلُهُ، فَلَهُ ثَلَاثُ حِيَلٍ.

إحْدَاهَا: أَنْ يَقُولَ: أَنَا لَا أَحْتَالُ، وَلَكِنْ أَكُونُ وَكِيلًا لَك فِي قَبْضِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَإِنْ اسْتَنْفَقَهُ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ فِي ذِمَّةِ الْوَكِيلِ، وَلَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ نَظِيرُهُ فَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ خَافَ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ ضَيَاعَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَيَعُودَ يُطَالِبُهُ بِحَقِّهِ فَالْحِيلَةُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُهُ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ بِسَبَبِ هَذَا الْحَقِّ أَوْ مِنْ جِهَتِهِ فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ، وَلَيْسَ هَذَا إبْرَاءً مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ حَتَّى يَتَوَصَّلَ إلَى إبْطَالِهِ، بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ تَوَى الْمَالُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ فَإِنَّ الْمُحْتَالَ إنَّمَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزَمَ بِهَا بِدُونِ الشَّرْطِ، كَمَا لَوْ قَبِلَ عَقْدَ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الرَّهْنِ أَوْ الضَّمِينِ أَوْ التَّأْجِيلِ أَوْ الْخِيَارِ، أَوْ قَبِلَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ بِشَرْطِ الضَّمِينِ لِلْأُجْرَةِ أَوْ تَأْجِيلِهَا، أَوْ قَبِلَ عَقْدَ النِّكَاحِ بِشَرْطِ تَأْجِيلِ الصَّدَاقِ، أَوْ قَبِلَ عَقْدَ الضَّمَانِ بِشَرْطِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ، أَوْ قَبِلَ عَقْدَ الْكَفَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>