للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُخْرَى فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ لَهَا، فَالْحِيلَةُ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ لَهَا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: إنْ كُنْت أَذِنْت لَك فِي شِرَائِهَا بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ بِعْتُكهَا بِالْأَلْفَيْنِ.

فَيَقُولَ: قَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْك، فَيَمْلِكَهَا حِينَئِذٍ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَهَذَا قَوْلُ الْمُزَنِيّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِصُورَةِ الشَّرْطِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ صِحَّتَهُ إلَّا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: " إنْ كَانَتْ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهَا بِأَلْفَيْنِ " وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى نِصْفِ فَقِيهٍ يَقُولُ: هَذَا تَعْلِيقٌ لِلْبَيْعِ بِالشَّرْطِ فَيَبْطُلُ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدْ بِعْتُك كَذَا بِكَذَا، بَلْ هَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ: إنْ كُنْت جَائِزَ التَّصَرُّفِ فَقَدْ بِعْتُك كَذَا، وَإِنْ أَعْطَيْتنِي ثَمَنَ هَذَا الْمَبِيعِ فَقَدْ بِعْتُكَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُودِعِ]

[الْحِيلَةٌ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُودِعِ] : الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ضَمِنَ، فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ أَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ لَهُ، وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَبْضِهِ مَالَهُ فَيَضْمَنُهُ، وَلَا يَنْفَعُهُ تَكْذِيبُ الْبَيِّنَةِ، فَالْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ أَنْ يَقُولَ: مَا لَك عِنْدِي شَيْءٌ، فَإِنْ حَلَّفَهُ حَلَفَ حَلِفًا صَادِقًا، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ الْوَدِيعَةِ فَلْيُصَدِّقْ الْبَيِّنَةَ، وَيَقُولُ: صَدَقْت فِيمَا شَهِدْت بِهِ، وَيَدَّعِي التَّلَفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ؛ فَإِنْ كَذَّبَ الْبَيِّنَةَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَلَا يَنْفَعُهُ دَعْوَى التَّلَفِ.

[الْمِثَال التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ الْحِيلَةُ فِي تَضْمِينِ الرَّاهِنِ تَلَفَ الْمَرْهُونِ]

[الْحِيلَةُ فِي تَضْمِينِ الرَّاهِنِ تَلَفَ الْمَرْهُونِ] : الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا رَهَنَ عِنْدَهُ رَهْنًا، وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ، وَخَافَ أَنْ يَدَّعِيَ هَلَاكَهُ وَيَذْهَبَ بِهِ، فَالْحِيلَةُ فِي أَنْ يَجْعَلَهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهُ أَوَّلًا، فَإِذَا قَبَضَهُ رَهَنَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَإِذَا تَلِفَ كَانَ فِي ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّ طَرَيَان الرَّهْنِ عَلَى الْعَارِيَّةِ لَا يُبْطِلُ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ الرَّهْنِ كَمَا كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا قَبْلَهُ، وَلَوْ بَطَلَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِانْتِفَاعُ.

[الْمِثَالُ الثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ]

[الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ] : الْمِثَالُ الثَّلَاثُونَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَارِيَّةِ: هَلْ تُوجِبُ الضَّمَانَ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ الْمُسْتَعِيرُ؟ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ

الثَّانِي: لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَيَدُ الْمُسْتَعِيرِ يَدُ أَمَانَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ

الثَّالِثُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّلَفُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ كَالْحَرِيقِ وَأَخْذِ السَّيْلِ وَمَوْتِ الْحَيَوَانِ وَخَرَابِ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كَدَعْوَى سَرِقَةِ الْجَوْهَرَةِ وَالْمِنْدِيلِ وَالسِّكِّينِ وَنَحْو ذَلِكَ ضَمِنَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ إنْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَطْلَقَ ضَمِنَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>