للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَّجْتُك إنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا " فَنَصَّ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ إذَا رَضِيَتْ أُمُّهَا.

[وَقَالَ: هُوَ نِكَاحٌ] وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَصَالِحٍ وَحَنْبَلٍ: نِكَاحُ الْمُتْعَةِ حَرَامٌ، وَكُلُّ نِكَاحٍ فِيهِ وَقْتٌ أَوْ شَرْطٌ فَاسِدٌ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُفَرِّقِينَ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشُّرُوطِ وَمَا لَا يَقْبَلُ إلَى الْآنَ لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهُمْ ضَابِطٌ فِي الْفَرْقِ، فَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِمْ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ مُضْطَرِبٌ فِيمَا يُعَلَّقُ وَمَا لَا يُعَلَّقُ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَّا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهِ أَوْ أَقْوَى مِنْهُ، وَإِنْ رَدُّوا عَلَيْهِ بِمُخَالَفَتِهِ لِآثَارِ الصَّحَابَةِ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُخَالَفَةِ النُّصُوصِ الْمَرْفُوعَةِ فِي صُوَرٍ عَدِيدَةٍ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا، وَإِنْ فَرَّقُوا طَالَبَهُمْ بِضَابِطِ ذَلِكَ أَوَّلًا وَبِتَأْثِيرِ الْفَرْقِ شَرْعًا ثَانِيًا، فَإِنَّ الْوَصْفَ الْفَارِقَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرًا كَالْوَصْفِ الْجَامِعِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْأَحْكَامِ جَمْعًا وَفَرْقًا بِالْأَوْصَافِ الَّتِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهَا، فَإِنَّهُ وَضْعُ شَرْعٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ بُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ أَظْهَرَ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ، بَلْ الْعِلْمُ بِفَسَادِ نِكَاحِ التَّحْلِيلِ أَظْهَرُ مِنْ الْعِلْمِ بِفَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِذَا جَازَ التَّقْرِيرُ عَلَى التَّحْلِيلِ وَتَرْكُ إنْكَارِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ النُّصُوصِ وَالْآثَارِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ وَلَعَنَ فَاعِلَهُ وَذَمَّهُ فَالتَّقْرِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَجْوَدُ، وَأَجْوَزُ.

هَذَا مَا لَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ عَالِمٌ مُنْصِفٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ فِي خِلَافِ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَكِنَّ أَحَدَهُمَا أَقَلُّ خَطَأً، وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ زَوَالُ سَبَبِ الْيَمِينِ]

فَصْلٌ:

[الْمَخْرَجُ الْعَاشِرُ زَوَالُ سَبَبِ الْيَمِينِ]

الْمَخْرَجُ الْعَاشِرُ:

مَخْرَجُ زَوَالِ السَّبَبِ، وَقَدْ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى هَذَا الْمَخْرَجِ لِقُوَّتِهِ وَصِحَّتِهِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وَسَبَبِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَلِهَذَا إذَا عَلَّقَ الشَّارِعُ حُكْمًا بِسَبَبٍ أَوْ عِلَّةٍ زَالَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِزَوَالِهِمَا كَالْخَمْرِ عُلِّقَ بِهَا حُكْمُ التَّنْجِيسِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ لِوَصْفِ الْإِسْكَارِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهَا وَصَارَتْ خَلًّا زَالَ الْحُكْمُ، وَكَذَلِكَ وَصْفُ الْفِسْقِ عُلِّقَ عَلَيْهِ الْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ، فَإِذَا زَالَ الْوَصْفُ زَالَ الْحُكْمُ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ السَّفَهُ وَالصِّغَرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ تَزُولُ الْأَحْكَامُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَيْهَا بِزَوَالِهَا، وَالشَّرِيعَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَهَكَذَا الْحَالِفُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ لَا يَفْعَلُهُ لِسَبَبٍ فَزَالَ السَّبَبُ لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَعَلَّقَتْ بِهِ لِذَلِكَ الْوَصْفِ، فَإِذَا زَالَ الْوَصْفُ زَالَ تَعَلُّقُ الْيَمِينِ فَإِذَا دُعِيَ إلَى شَرَابٍ مُسْكِرٍ لِيَشْرَبَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَهُ، فَانْقَلَبَ خَلًّا فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنَّ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْهُ نَظِيرَ مَنْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>