[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِخْرَاجِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمِيرَاثِ]
وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ إخْرَاجَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ فِي مَرَضِهِ، وَخَافَ أَنَّ الْحَاكِمَ يُوَرِّثُ الْمَبْتُوتَةَ، قَالُوا: فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَهَذِهِ حِيلَةٌ مُحَرَّمَةٌ بَاطِلَةٌ لَا يَحِلُّ تَعْلِيمُهَا، وَيَفْسُقُ مَنْ عَلَّمَهَا الْمَرِيضَ، وَيَسْتَحِقُّ عُقُوبَةَ اللَّهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تَنْفُذُ، فَإِنَّهُ كَمَا هُوَ مُتَّهَمٌ بِطَلَاقِهَا فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْإِقْرَارِ بِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَرَضِ، وَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ لِلتُّهْمَةِ فَالْإِقْرَارُ لَا يَمْنَعُهُ لِلتُّهْمَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ فَالْحِيلَةُ بَاطِلَةٌ مُحَرَّمَةٌ.
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ]
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ نِصَابٌ فَبَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ، قَالَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ، بَلْ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْ الْعَامِلُ زَكَاتَهُ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ مُحَرَّمَةٌ بَاطِلَةٌ، وَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ فَرْضَ اللَّهِ الَّذِي فَرَضَهُ وَأَوْعَدَ بِالْعُقُوبَةِ الشَّدِيدَةِ مَنْ ضَيَّعَهُ وَأَهْمَلَهُ، فَلَوْ جَازَ إبْطَالُهُ بِالْحِيلَةِ الَّتِي هِيَ مَكْرٌ وَخِدَاعٌ لَمْ يَكُنْ فِي إيجَابِهِ وَالْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِهِ فَائِدَةٌ.
وَقَدْ اسْتَقَرَّتْ سُنَّةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ شَرْعًا وَقَدَرًا عَلَى مُعَاقَبَةِ الْعَبْدِ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، كَمَا حُرِمَ الْقَاتِلُ الْمِيرَاثَ، وَوَرَّثَ الْمُطَلَّقَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ الْفَارُّ مِنْ الزَّكَاةِ لَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ فِرَارُهُ وَلَا يُعَانُ عَلَى قَصْدِهِ الْبَاطِلِ فَيَتِمُّ مَقْصُودُهُ وَيَسْقُطُ مَقْصُودُ الرَّبِّ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْحِيَلِ إنَّمَا يُسَاعِدُ فِيهَا الْمُتَحَيِّلُ عَلَى بُلُوغِ غَرَضِهِ وَيُبْطِلُ غَرَضَ الشَّارِعِ.
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ كَفَّارَةِ الْمُجَامِعُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ]
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ]
وَكَذَلِكَ الْمُجَامِعُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ إذَا تَغَدَّى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَوَّلًا ثُمَّ جَامَعَ، قَالُوا: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّ إضْمَامَهُ إلَى إثْمِ الْجِمَاعِ إثْمَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا يُنَاسِبُ التَّخْفِيفَ عَنْهُ، بَلْ يُنَاسِبُ تَغْلِيظَ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ لَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ عَلَى وَاطِئٍ اهْتَدَى لِجَرْعَةِ مَاءٍ أَوْ ابْتِلَاعِ لُبَابَةٍ أَوْ أَكْلِ زَبِيبَةٍ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ، هَلْ أَوْجَبَ الشَّارِعُ الْكَفَّارَةَ لِكَوْنِ الْوَطْءِ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مُفْطِرٌ قَبْلَهُ أَوْ لِلْجِنَايَةِ عَلَى زَمَنِ الصَّوْمِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ اللَّهُ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ؟ أَفَتَرَى بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قَبْلَهُ صَارَ الزَّمَانُ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ فَانْقَلَبَتْ كَرَاهَةُ الشَّارِعِ لَهُ مَحَبَّةً وَمَنْعُهُ إذْنًا؟ هَذَا مِنْ الْمُحَالِ، وَأَفْسَدَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: إنَّ الْحِيلَةَ فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الْجِمَاعِ قَطْعَ الصَّوْمِ، فَإِذَا أَتَى بِهَذِهِ النِّيَّةِ فَلْيُجَامِعْ آمِنًا مِنْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَلَازِمُ هَذَا الْقَوْلِ الْبَاطِلِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ كَفَّارَةٌ عَلَى مُجَامِعٍ أَبَدًا، وَإِبْطَالُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ رَأْسًا؛ فَإِنَّ الْمُجَامِعَ لَا بُدَّ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الْجِمَاعِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَإِذَا عَزَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute