للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا كَلَامُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ فَمَشْهُورٌ.

وَأَبْعَدُ النَّاسِ مِنْ الْأَخْذِ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ فِي أَكْثَرِ مِنْ مِائَةِ مَوْضِعٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا كَثِيرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.

مِنْهَا جَوَازُ وَطْءِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ لَيْلَةَ الزِّفَافِ، وَإِنْ لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يَشْهَدْ عَدْلَانِ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ، بِنَاءً عَلَى الْقَرَائِنِ.

وَمِنْهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يُوصِلُهَا إلَيْهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ، وَجَوَازُ أَكْلِهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَدْلَانِ أَنَّ فُلَانًا أَهْدَى لَكَ كَذَا، بِنَاءً عَلَى الْقَرَائِنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَلَفُّظُهُ وَلَا تَلَفُّظُ الرَّسُولِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ.

وَمِنْهَا جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِي بَابِهِ بِقَرْعِ حَلَقَتِهِ وَدَقِّهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ فِي ذَلِكَ.

وَمِنْهَا اسْتِدْعَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلدَّارِ وَالْبُسْتَانِ لِمَنْ شَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَضُيُوفِهِ وَإِنْزَالُهُمْ عِنْدَهُ مُدَّةً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ نُطْقًا، وَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ تَصَرُّفَهُمْ فِي مَنْفَعَةِ الدَّارِ وَإِشْغَالَهُمْ الْكَنِيفَ وَإِضْعَافَهُمْ السُّلَّمَ وَنَحْوَهُ.

وَمِنْهَا جَوَازُ الْإِقْدَامِ عَلَى الطَّعَامِ إذَا وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ لَهُ بِالْإِذْنِ لَفْظًا.

وَمِنْهَا جَوَازُ شُرْبِهِ مِنْ الْإِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ إلَيْهِ وَلَا يَسْتَأْذِنْهُ.

وَمِنْهَا جَوَازُ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فِي كَنِيفِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ.

وَمِنْهَا جَوَازُ الِاسْتِنَادِ إلَى وِسَادَتِهِ.

وَمِنْهَا أَخْذُ مَا يَنْبِذُهُ رَغْبَةً عَنْهُ مِنْ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَمْلِيكِهِ لَهُ.

وَمِنْهَا انْتِفَاعُهُ بِفِرَاشِ زَوْجَتِهِ وَلِحَافِهَا وَوِسَادَتِهَا وَآنِيَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهَا نُطْقًا، إلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ.

وَهَلْ السِّيَاسَةُ الشَّرْعِيَّةُ إلَّا مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَهِيَ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْقَرَائِنِ الَّتِي تُفِيدُ الْقَطْعَ تَارَةً وَالظَّنَّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ ظَنِّ الشُّهُودِ بِكَثِيرٍ تَارَةً؟ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مِرَارًا، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْمُفْتِي وَالْحَاكِمُ.

[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَطْعِمَةِ]

فَصْلٌ:

فَلْنَرْجِعْ إلَى فَتَاوَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ فَتَاوِيهِ فِي الْأَطْعِمَةِ.

[فَتَاوَى فِي الْأَطْعِمَةِ] «وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الثُّومِ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ لَا، وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ رَائِحَتِهِ» ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ.

«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو أَيُّوبَ: هَلْ يَحِلُّ لَنَا الْبَصَلُ؟ فَقَالَ بَلَى، وَلَكِنِّي يَغْشَانِي مَا لَا يَغْشَاكُمْ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الضَّبِّ، أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>