مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَكَانَ لَهُ وَرَثَةٌ، فَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ فِيمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ حَاكِمٌ لَا يَرَاهُ فَالْحِيلَةُ لَهُ أَنْ يُقِرَّ لِإِنْسَانٍ يَثِقُ بِدَيْنِهِ، وَأَمَانَتِهِ بِدَيْنٍ يُحِيطُ بِمَالِهِ كُلِّهِ، ثُمَّ يُوصِيهِ إذَا أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ أَنْ يَضَعَهُ فِي الْجِهَاتِ الَّتِي يُرِيدُ، فَإِنْ خَافَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنْ يُلْزَمَ بِيَمِينٍ بِاسْتِحْقَاقِهِ لِمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْمَرِيضُ اشْتَرَى مِنْهُ الْمَرِيضُ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ بِمَالِهِ كُلِّهِ، وَيُسَلِّمُ الْعَرْضَ فَإِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ حَلَفَ بَارًّا، فَإِنْ خَافَ الْمَرِيضُ أَنْ يَصِحَّ فَيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ بِثَمَنِ الْعَرْضِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ سَنَةً، فَإِنْ مَاتَ بَطَلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ عَاشَ فَسَخَ الْعَقْدَ، فَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَرْضًا أَوْ عَقَارًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يُوقِفَهُ جَمِيعَهُ عَلَى قَوْمٍ يَسْتَغِلُّونَهُ، وَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِرَّ أَنَّ وَاقِفًا وَقَفَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ عَلَيْهِ، وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْجِهَاتِ الَّتِي يُعَيِّنُهَا، وَيُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ فِي يَدِهِ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ وَاقِفٍ كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ مِلْكًا لَهُ إلَى حِينِ الْوَقْفِ، أَوْ يُقِرَّ بِأَنَّ وَاقِفًا مُعَيَّنًا وَقَفَهُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَاتِ، وَجَعَلَهُ نَاظِرًا عَلَيْهِ، فَهُوَ فِي يَدِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ إذَا كَانَ لَهُ بِنْتٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ وَارِثٌ بِالْفَرْضِ لَا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، وَلَا عَصَبَةَ لَهُ، وَيُرِيدُ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُ السُّلْطَانُ فَلَهُ أَنْوَاعٌ مِنْ الْمَخَارِجِ: مِنْهَا: أَنْ يَبِيعَ الْوَارِثُ تِلْكَ الْأَعْيَانَ، وَيُقِرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى قَبْضِهِ بِأَنْ يُحْضِرَ الْوَارِثُ مَالًا يَقْبِضُهُ إيَّاهُ، ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ سِرًّا، فَهُوَ أَوْلَى، وَمِنْهَا: أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرِيضُ مِنْ الْوَارِثِ سِلْعَةً بِمِقْدَارِ التَّرِكَةِ مِنْ الثَّمَنِ وَيُشْهِدَ عَلَى الشِّرَاءِ، ثُمَّ يُعِيدَ إلَيْهِ تِلْكَ السِّلْعَةَ، وَيَرْهَنَهُ الْمَالَ كُلَّهُ عَلَى الثَّمَنِ، فَإِذَا أَرَادَ السُّلْطَانُ مُشَارَكَتَهُ قَالَ: وَفُّونِي حَقِّي، وَخُذُوا مَا فَضَلَ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ يَثِقُ بِهِ، وَيُقِرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ، أَوْ يَقْبِضَهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، ثُمَّ يَأْذَنَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي تَمْلِيكِهِ لِلْوَارِثِ أَوْ وَقْفِهِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: أَنْ يُقِرَّ لِأَجْنَبِيٍّ يَثِقُ بِهِ بِمَا يُرِيدُ، ثُمَّ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى الْوَارِثِ.
وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْحِيَلِ، وَأَمْثَالِهَا أَمْرَانِ مَخُوفَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ قَدْ يَدَّعِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَلَا يُسَلِّمُهُ إلَى الْوَارِثِ، فَلَا خَلَاصَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ إقْرَارَ الْأَجْنَبِيِّ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي مَكْتُوبٍ ثَانٍ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ يَخَافُ أَنْ يُوَاطِئَهُ عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَارِثِهِ هَذَا الْمَالَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ كَانَتْ دَعْوَاهُ بَاطِلَةً.
وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً فَهِيَ بَيِّنَةُ زُورٍ، وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَلَا وَارِثَهُ بِوَجْهٍ مَا، وَيُمْسِكَ الْكِتَابَ عِنْدَهُ، فَيَأْمَنُ هُوَ وَالْوَارِثُ ادِّعَاءَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمِثَالُ الثَّامِنُ بَعْدَ الْمِائَةِ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَوَارِي الْمَدِينِ]
[اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَوَارِي الْمَدِينِ]
الْمِثَالُ الثَّامِنُ بَعْدَ الْمِائَةِ: رَجُلٌ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيُوَكِّلُ وَكِيلًا فِي اقْتِضَاءِ دُيُونِهِ، ثُمَّ يَتَوَارَى عَنْ غَرِيمِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ اقْتِضَاءُ دَيْنِهِ مِنْهُ، فَأَرَادَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ لَهُ الدَّيْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute