للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا وَفْقَ الْأُصُولِ، فَيَا لَلْعَجَبِ، أَيْنَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ الْمُسْتَنِدِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُوَافَقَةُ هَذَا الْحُكْمِ لِلْأُصُولِ وَمُخَالَفَةُ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ لِلْأُصُولِ؟ .

[رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ فِي رَجْمِ الزَّانِيَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ]

[رَجْمُ الْكِتَابِيَّيْنِ] .

الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي رَجْمِ الزَّانِيَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ، بِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ، وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَمَّنْ عَقَدَ عَلَى أُمِّهِ وَوَطِئَهَا، وَأَنَّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْأُصُولِ، فَيَا عَجَبًا لِهَذِهِ الْأُصُولِ الَّتِي مَنَعَتْ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ أَقَامَهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْقَطَتْهُ عَمَّنْ لَمْ يُسْقِطْهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ «أَنَّهُ أَرْسَلَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ وَيَأْخُذَ مَالَهُ» فَوَاَللَّهِ مَا رَضِيَ لَهُ بِحَدِّ الزَّانِي حَتَّى حَكَمَ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْعُنُقِ وَأَخْذِ الْمَالِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمَحْضُ؛ فَإِنَّ جَرِيمَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ جَرِيمَةِ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَإِنَّ هَذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا وَاحِدًا، وَالْعَاقِدُ عَلَيْهَا ضَمَّ إلَى جَرِيمَةِ الْوَطْءِ جَرِيمَةَ الْعَقْدِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ، فَانْتَهَكَ حُرْمَةَ شَرْعِهِ بِالْعَقْدِ، وَحُرْمَةَ أُمِّهِ بِالْوَطْءِ، ثُمَّ يُقَالُ: الْأُصُولُ تَقْتَضِي سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأُصُولِ، فَكَيْفَ رُدَّ هَذَا الْأَصْلُ الْعَظِيمُ بِالرَّأْيِ الْفَاسِدِ وَيُقَالُ: إنَّهُ مُقْتَضَى الْأُصُولِ؟ فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّجْمِ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ إلْزَامًا لَهُمَا بِمَا اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ.

قِيلَ: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، أَفَحَكَمَ بِحَقٍّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَمُوَافَقَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَاخْتَارُوا أَحَدَ الْجَوَابَيْنِ ثُمَّ اذْهَبُوا إلَى مَا شِئْتُمْ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ]

[الْوَفَاءُ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ وَفِي الْبَيْعِ]

الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ، وَأَنَّهَا أَحَقُّ الشُّرُوطِ بِالْوَفَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بِأَنَّهَا خِلَافُ الْأُصُولِ، وَالْأَخْذُ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ الَّذِي لَا يُعْلَمُ لَهُ إسْنَادٌ يَصِحُّ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالْقِيَاسِ وَلِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ، وَدَعْوَى أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْأُصُولِ؛ أَمَّا مُخَالَفَتُهُ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فَإِنَّ جَابِرًا بَاعَ بَعِيرَهُ وَشَرَطَ رُكُوبَهُ إلَى الْمَدِينَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» فَجَعَلَهُ لِلْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ الزَّائِدِ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ، وَقَالَ: «مَنْ بَاعَ ثَمَرَةً قَدْ أَبَّرَتْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» فَهَذَا بَيْعٌ وَشَرْطٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>