للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّجْدَتَيْنِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ؛ فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، لَا سِيَّمَا وَاَلَّذِينَ رَوَوْا تَكْرَارَ الرُّكُوعِ أَكْثَرُ عَدَدًا وَأَجَلُّ وَأَخَصُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوهُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَحْوًا مِمَّا تُصَلُّونَ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إفْرَادِ الرُّكُوعِ. قِيلَ: هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ دُونَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَزَادَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؛ فَإِنْ رَجَّحْنَا بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ فَشُعْبَةُ شُعْبَةُ. وَإِنْ قَبِلْنَا الزِّيَادَةَ فَرِوَايَةُ مَنْ زَادَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعًا آخَرَ زَائِدَةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى رُكُوعًا وَاحِدًا فَتَكُونُ أَوْلَى. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالسُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ الصَّرِيحَةِ مِنْ رِوَايَةِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ، وَبِحَدِيثِ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا كَإِحْدَى صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ» ؟ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْمُسْنَدِ وَسُنَنِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِمَا. قِيلَ: الْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ أَحَادِيثَ تَكْرَارِ الرُّكُوعِ أَصَحُّ إسْنَادًا وَأَسْلَمُ مِنْ الْعِلَّةِ وَالِاضْطِرَابِ، لَا سِيَّمَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ فَإِنَّ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنُودِيَ أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، فَرَكَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى جُلِّيَ عَنْ الشَّمْسِ» . فَهَذَا أَصَحُّ وَأَصْرَحُ مِنْ حَدِيثِ كُلِّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ؛ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ وَالنُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَلَيْسَ مِنْهُمَا شَيْءٌ فِي الصَّحِيحِ. الثَّانِي: أَنَّ رُوَاتَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ أَكْبَرُ وَأَكْثَرُ وَأَحْفَظُ وَأَجَلُّ مِنْ سَمُرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ؛ فَلَا تُرَدُّ رِوَايَتُهُمْ بِهَا، الثَّالِثُ: أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِزِيَادَةٍ فَيَجِبُ الْأَخْذُ بِهَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

[الْجَهْرُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْجَهْرِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً يَجْهَرُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» .

قَالَ الْبُخَارِيُّ: تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ - قُلْت: أَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ فَفِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ» .

وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>