[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ]
حِيلَةٌ فِي جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ] : الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ، كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ بِالشَّرْطِ، كَمَا صَحَّتْ بِهِ السُّنَّةُ، بَلْ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ؛ فَإِنَّ الْوَلِيَّ وَكِيلٌ وَكَالَةً عَامَّةً، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ نِيَابَةً عَنْ الْمُولِي، فَوَكَالَتُهُ أَعَمُّ مِنْ وَكَالَةِ الْوَكِيلِ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهَا فَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَصِحُّ؛ فَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَوْ يُوَكِّلُهُ مُطْلَقًا ثُمَّ يُعَلِّقُ التَّصَرُّفَ عَلَى شَرْطٍ فَيَصِحُّ، وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ فِقْهِيٌّ بَيْنَ امْتِنَاعِ هَذَا وَجَوَازِ هَذَا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّوْكِيلِ التَّصَرُّفُ، وَالتَّوْكِيلُ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ؛ فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُ الْغَايَةِ فَتَعْلِيقُ الْوَسِيلَةِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ.
[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى]
[حِيلَةٌ فِي إبْطَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى]
الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا رَفَعَ إلَى الْإِمَامِ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى، فَخَافَ إنْ أَنْكَرَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَيُحَدَّ؛ فَالْحِيلَةُ فِي إبْطَالِ شَهَادَتِهِمْ أَنْ يُقِرَّ إذَا سُئِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهَا؛ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ مَعَ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَرِّرَهُ تَمَامَ النِّصَابِ، بَلْ إذَا سَكَتَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ؛ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَرَى وُجُوبَ الْحَدِّ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَيَسْقُطَ عَنْهُ الْحَدُّ؛ فَإِذَا خَافَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَقَرَّ أَيْضًا ثُمَّ رَجَعَ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ جَائِزَةٌ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يُخْلِدَ إلَى التَّوْبَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّحَابَةِ لَمَّا فَرَّ مَاعِزٌ مِنْ الْحَدِّ: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» فَإِذَا فَرَّ مِنْ الْحَدِّ إلَى التَّوْبَةِ فَقَدْ أَحْسَنَ.
[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ]
[حِيلَةٌ فِي الْخَلَاصِ مِنْ الْحِنْثِ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا حَلَفَ لِغَادِرٍ أَوْ جَاسُوسٍ أَوْ سَارِقٍ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِهِ أَحَدًا، وَلَا يَدُلَّ عَلَيْهِ؛ فَأَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ وَأَنْ لَا يُخْفِيَهُ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ أَقْوَامٍ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ؛ فَإِذَا سُئِلَ عَنْ غَيْرِهِ قَالَ: لَا، فَإِذَا انْتَهَتْ التَّوْبَةُ إلَيْهِ سَكَتَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَأْثَمُ بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ وَإِيوَائِهِ، وَسُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، قَالَ لَهُ السَّائِلُ: نَزَلَ بِي اللُّصُوصُ؛ فَأَخَذُوا مَالِي وَاسْتَحْلَفُونِي بِالطَّلَاقِ أَلَّا أُخْبِرَ أَحَدًا بِهِمْ؛ فَخَرَجْت فَرَأَيْتُهُمْ يَبِيعُونَ مَتَاعِي فِي السُّوقِ جَهْرَةً، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى الْوَالِي فَقُلْ لَهُ يَجْمَعُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ أَوْ السِّكَّةِ الَّذِينَ هُمْ فِيهِ ثُمَّ يُحْضِرُهُمْ ثُمَّ يَسْأَلُك عَنْهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا؛ فَإِذَا سَأَلَك عَمَّنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، فَقُلْ: لَيْسَ مِنْهُمْ، وَإِذَا سَأَلَك عَمَّنْ هُوَ مِنْهُمْ فَاسْكُتْ؛ فَفَعَلَ الرَّجُلُ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute