للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» وَنَحْوِهِ. كَمَا رَدُّوا الْمُحْكَمَ الصَّرِيحَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، كَفِعْلِ إخْوَانِهِمْ مِنْ الْخَوَارِجِ حِينَ رَدُّوا النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ الْمُحْكَمَةَ فِي مُوَالَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَحَبَّتِهِمْ وَإِنْ ارْتَكَبُوا بَعْضَ الذُّنُوبِ الَّتِي تَقَعُ مُكَفَّرَةً بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ، وَالْمَصَائِبِ الْمُكَفِّرَةِ، وَدُعَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَبِالِامْتِحَانِ فِي الْبَرْزَخِ وَفِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ، وَبِشَفَاعَةِ مَنْ يَأْذَنُ اللَّهُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ، وَبِصِدْقِ التَّوْحِيدِ، وَبِرَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ؛ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَسْبَابٍ تَمْحَقُ أَثَرَ الذُّنُوبِ، فَإِنْ عَجَزَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ عَنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا؛ فَتَرَكُوا ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ نُصُوصِ الْوَعِيدِ، وَرَدُّوا الْمُحْكَمَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ الَّتِي يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا قَصَدُوا بِهَا طَاعَةَ اللَّهِ فَاجْتَهَدُوا فَأَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلَى ذَلِكَ فَحَصَلُوا فِيهِ عَلَى الْأَجْرِ الْمُفْرَدِ، وَكَانَ حَظُّ أَعْدَائِهِمْ مِنْهُ تَكْفِيرَهُمْ وَاسْت " حَلَالَ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَصَدُوا ذَلِكَ كَانَ غَايَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَذْنَبُوا، وَلَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا مَا يَرْفَعُ مُوجِبَ الذَّنْبِ، فَاشْتَرَكُوا هُمْ وَالرَّافِضَةُ فِي رَدِّ الْمُحْكَمِ مِنْ النُّصُوصِ وَأَفْعَالِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْهَا؛ فَكَفَّرُوهُمْ وَخَرَجُوا عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِيمَانِ وَيَدْعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، فَفَسَادُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُتَشَابِهِ عَلَى الْمُحْكَمِ، وَتَقْدِيمِ الرَّأْيِ عَلَى الشَّرْعِ وَالْهَوَى عَلَى الْهُدَى، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[رَدُّ الْمُحْكَمِ مِنْ النُّصُوصِ فِي وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَوَقُّفِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا عَلَيْهِ]

الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ:

رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ إلَّا وَجْهًا وَاحِدًا مِنْ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ وَتَوَقُّفِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ وَصِحَّتِهَا عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» وَقَوْلِهِ لِمَنْ تَرَكَهَا: «صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ» وَقَوْلِهِ: «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا» فَنَفَى إجْزَاءَهَا بِدُونِ الطُّمَأْنِينَةِ، وَنَفَى مُسَمَّاهَا الشَّرْعِيَّ بِدُونِهَا، وَأَمَرَ بِالْإِتْيَانِ بِهَا، فَرُدَّ هَذَا الْمُحْكَمُ الصَّرِيحُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] .

[رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ فِي النُّصُوص مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ]

الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ:

رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّرِيحِ مِنْ تَعْيِينِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ» وَقَوْلِهِ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» وَقَوْلِهِ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَضَعَ الْوُضُوءَ مَوَاضِعَهُ ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَيَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ» وَهِيَ نُصُوصٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ فَرُدَّتْ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٥] .

[رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ فِي تَعْيِينِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاة]

الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ:

رَدُّ النُّصُوصِ الْمُحْكَمَةِ الصَّرِيحَةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَعْيِينِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَرْضًا بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: ٢٠] وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَبِقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ: «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>