فِي الْإِحْرَامِ حَلْقَ تِسْعَةِ أَعْشَارِ رَأْسِهِ، بَلْ وَتِسْعَةِ أَعْشَارِ الْعُشْرِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا نَهَاهُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ كُلِّهِ، لَا عَنْ بَعْضِهِ، كَمَا يُفْتِي لِمَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَنْ يَحْلِقَهُ إلَّا الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْهُ.
وَتَأَمَّلْ لَوْ فَعَلَ الْمَرِيضُ هَذَا فِيمَا نَهَاهُ الطَّبِيبُ عَنْ تَنَاوُلِهِ، هَلْ يُعَدُّ قَابِلًا مِنْهُ؟ أَوْ لَوْ فَعَلَ مَمْلُوكُ الرَّجُلِ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ وَلَدُهُ ذَلِكَ فِيمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، هَلْ يَكُونُونَ مُطِيعِينَ لَهُ أَمْ مُخَالِفِينَ؟ وَإِذَا تَحَيَّلَ أَحَدُهُمْ عَلَى نَقْضِ غَرَضِ الْآمِرِ وَإِبْطَالِهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ، هَلْ كَانَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَحْمَدُهُ عَلَيْهِ أَوْ يَعْذِرُهُ؟ وَهَلْ يَعْذِرُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يُعَامِلُهُ بِهَذِهِ الْحِيَلِ؟ فَكَيْفَ يُعَامِلُ هُوَ بِهَذَا مَنْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ؟
[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَا لَوْ أَرَادَ الْأَبُ إسْقَاطَ حَضَانَةِ الْأُمِّ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهَا، فَيَتْبَعُهُ الْوَلَدُ.
وَهَذِهِ الْحِيلَةُ مُنَاقِضَةٌ لِمَا قَصَدَهُ الشَّارِعُ؛ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْأُمَّ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ مِنْ الْأَبِ مَعَ قُرْبِ الدَّارِ وَإِمْكَانِ اللِّقَاءِ كُلَّ وَقْتٍ لَوْ قَضَى بِهِ لِلْأَبِ، وَقَضَى أَنْ لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنَعَ أَنْ تُبَاعَ الْأُمُّ دُونَ وَلَدِهَا وَالْوَلَدُ دُونَهَا، وَإِنْ كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذَا التَّحَيُّلِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا تَفْرِيقًا تَعِزُّ مَعَهُ رُؤْيَتُهُ وَلِقَاؤُهُ وَيَعِزُّ عَلَيْهَا الصَّبْرُ عَنْهُ وَفَقْدُهُ؟ وَهَذَا مِنْ أَمْحَلْ الْمُحَالِ، بَلْ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَحَقُّ أَنَّ الْوَلَدَ لِلْأُمِّ: سَافَرَ الْأَبُ أَوْ أَقَامَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْأُمِّ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» فَكَيْفَ يُقَالُ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُسَافِرْ الْأَبُ؟ وَأَيْنَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فَتَاوَى أَصْحَابِهِ أَوْ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ؟ فَلَا نَصَّ وَلَا قِيَاسَ وَلَا مَصْلَحَةَ.
[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِجَعْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةً]
(إبْطَالُ حِيلَةً لِجَعْلِ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةً) : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ إذَا أَرَادَ حِرْمَانَ امْرَأَتِهِ [مِنْ] الْمِيرَاثِ، أَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ كُلُّهَا عَبِيدًا وَإِمَاءً فَأَرَادَ جَعْلَ تَدْبِيرِهِمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: إذَا مِتُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute