وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَزْنِيَ بِأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ أَوْ ابْنَته أَوْ خَالَتُهُ أَوْ عَمَّتِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَلْيَعْقِدْ عَلَيْهَا عَقْدَ النِّكَاحِ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ، ثُمَّ يَطَؤُهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الْمُحْصَنَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَزْنِيَ وَلَا يُحَدَّ فَلْيَرْتَدَّ ثُمَّ يُسْلِمْ فَإِنَّهُ إذَا زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَأْنِفَ نِكَاحًا أَوْ وَطْئًا جَدِيدًا.
وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ إذَا زَنَى بِأُمِّهِ وَخَافَ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَلْيَقْتُلْهَا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ بِالزِّنَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْقَدْحُ فِيهِمْ فَلْيُصَدِّقْهُمْ.
فَإِذَا صَدَقَهُمْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ.
وَلَا يَخْفَى أَمْرُ هَذِهِ الْحِيَلِ وَنِسْبَتُهَا إلَى دِينِ الْإِسْلَامِ، وَهَلْ هِيَ نِسْبَةٌ مُوَافِقَةٌ أَوْ هِيَ نِسْبَةٌ مُنَاقِضَةٌ؟ .
[فَصْلٌ إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا]
فَصْلٌ
[إبْطَالُ حِيلَةٍ لِإِبْرَارِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا ثُمَّ غَيَّرَهُ عَنْ حَالِهِ الْأَوَّلِ] : وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَطْحَنَهُ وَيَعْجِنَهُ وَيَأْكُلَهُ خُبْزًا، وَطَرْدُ هَذِهِ الْحِيلَةِ الْبَارِدَةِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الشَّاةَ فَلْيَذْبَحْهَا وَلْيَطْبُخْهَا ثُمَّ يَأْكُلْهَا، وَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ النَّخْلَةَ فَلْيَجِذَّ ثَمَرَهَا ثُمَّ يَأْكُلْهَا، فَإِنْ طَرَدُوا ذَلِكَ فَمِنْ الْفَضَائِحِ الشَّنِيعَةِ، وَإِنْ فَرَّقُوا تَنَاقَضُوا، فَإِنْ قَالُوا: " الْحِنْطَةُ يُمْكِنُ أَكْلُهَا صِحَاحًا بِخِلَافِ الشَّاةِ وَالنَّخْلَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ " قِيلَ: وَالْعَادَةُ أَنَّ الْحِنْطَةَ لَا يَأْكُلُهَا صِحَاحًا إلَّا الدَّوَابُّ وَالطَّيْرُ، وَإِنَّمَا تُؤْكَلُ خُبْزًا، فَكِلَاهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ الْحَالِفِ وَكُلِّ عَاقِلٍ.
[فَصْلٌ مِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّحْمَ]
فَصْلٌ
وَمِنْ الْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ الْمُحَرَّمَةِ الْمُضَاهِيَةِ لِلْحِيلَةِ الْيَهُودِيَّةِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّحْمَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُذِيبَهُ ثُمَّ يَأْكُلَ.
وَهَذَا كُلُّهُ تَصْدِيقٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، قَالُوا: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ؟»
وَتَصْدِيقُ قَوْلِهِ: «لَتَأْخُذَنَّ أُمَّتِي مَا أَخَذَ الْأُمَمُ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى عَلَانِيَةً لَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُهُ» .