[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]
حِيلَةٌ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]
الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ: إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِضَاعَةً، وَتِلْكَ الْبِضَاعَةُ عِنْدَ الْوَكِيلِ، وَهِيَ رَخِيصَةٌ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ، وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا بِمَا تُسَاوِيهِ بَيْعًا تَامًّا صَحِيحًا لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ إنْ شَاءَ اشْتَرَاهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِمُوَكِّلِهِ، وَلَكِنْ تَدْخُلُ هَذِهِ الْحِيلَةُ سَدًّا لِلذَّرَائِعِ؛ إذْ قَدْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ يَبِيعَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تُسَاوِي فَيَكُونُ قَدْ غَشَّ الْمُوَكِّلَ، وَيَظْهَرُ هَذَا إذَا اشْتَرَاهَا بِعَيْنِهَا دُونَ غَيْرِهَا؛ فَيَكُونُ قَدْ غَرَّ الْمُوَكِّلَ، فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ لَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْحَالِ لَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَهُ غُرُورًا فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْضَهُ لَمْ يَجُزْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: مُقَابَلَةُ الْمَكْرِ بِالْمَكْرِ]
[مُقَابَلَةُ الْمَكْرِ بِالْمَكْرِ]
الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: إذَا اشْتَرَى مِنْهُ دَارًا، وَخَافَ احْتِيَالَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ مَلَّكَهَا لِبَعْضِ وَلَدِهِ فَيَتْرُكُهَا فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ يَدَّعِيهَا عَلَيْهِ وَيَحْسِبُ سُكْنَاهَا بِثَمَنِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُخَادِعُونَ الْمَاكِرُونَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَحْتَالَ لِنَفْسِهِ بِأَنْوَاعٍ مِنْ الْحِيَلِ، مِنْهَا أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ الدَّرَكُ، وَمِنْهَا: أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ فِي الدَّارِ كَانَتْ دَعْوَى بَاطِلَةً، وَكُلُّ بَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا زُورٌ، وَمِنْهَا: أَنْ يُضَمِّنَ الدَّرَكَ لِرَجُلٍ مَعْرُوفٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهَا أَضْعَافَ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَشْهَدَ بِهِ، مِثَالُهُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ فَيَشْتَرِيهَا بِعَشْرَةِ آلَافٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ بِالْعَشَرَةِ آلَافٍ سِلْعَةً ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِالْأَلْفِ، وَهِيَ الثَّمَنُ، فَيَأْخُذُ الْأَلْفَ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الثَّمَنَ عَشْرَةُ آلَافٍ، وَأَنَّهُ قَبَضَهُ، وَبَرِئَ مِنْهُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ آلَافٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَمُقَابَلَةُ الْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ وَالْمَكْرِ بِالْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ بِالْخِدَاعِ قَدْ يَكُونُ حَسَنًا، بَلْ مَأْمُورًا بِهِ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
[السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ]
[حِيلَةٌ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ: إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِمَالِ يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ، فَأَدَّى إلَيْهِ مُعْظَمَهُ، ثُمَّ جَحَدَ السَّيِّدُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ نَفْسَهُ، وَلِلسَّيِّدِ فِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِهِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يُشْهِدَ الْعَبْدُ فِي السِّرِّ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ وَفَّى لَهُ سَيِّدُهُ بِمَا عَاهَدَهُ عَلَيْهِ وَفَّى لَهُ الْعَبْدُ، وَسَلَّمَهُ مَالَهُ، وَإِنْ غَدَرَ بِهِ تَمَكَّنَ الْعَبْدُ مِنْ الْغَدْرِ بِهِ، وَإِخْرَاجِ الْمَالِ عَنْ يَدِهِ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ لَا تَتَأَتَّى عَلَى أَصْلِ مَنْ يَمْنَعُ مَسْأَلَةَ الظَّفَرِ، وَلَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُهَا، فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا ظَلَمَهُ بِجَحْدِهِ حَقَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَظْلِمَهُ بِمَنْعِهِ مَالَهُ، وَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَيُقَابِلُ الظُّلْمَ بِالظُّلْمِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْهُ فَائِدَةٌ، وَلَكِنَّ فَائِدَةَ هَذِهِ الْحِيلَةِ أَنَّ السَّيِّدَ مَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute