للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأُصُولُهَا وَمَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّوَابَ جَوَازُهَا كُلِّهَا؛ فَالْحِيلَةُ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَيْهَا حِيلَةٌ عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ لَيْسَتْ عَلَى حَرَامٍ.

[فَصْلٌ فَالْحِيلَةُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ]

فَصْلٌ

فَالْحِيلَةُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ أَنْ يَجِيءَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَقُولَ لِلْمُدَّعِي: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَك، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّك صَادِقٌ فِي دَعْوَاك، وَأَنَا وَكِيلُهُ، فَصَالِحْنِي عَلَى كَذَا، فَيَنْقَلِبَ حِينَئِذٍ صُلْحًا عَلَى الْإِنْكَارِ.

ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ أَيْ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ.

وَإِنْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ: " صَالِحْ عَنِّي بِذَلِكَ " جَازَ أَيْضًا.

[فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ]

فَصْلٌ

وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَةً وَيُحَابِيَهُ فِيهَا بِالْقَدْرِ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَى إسْقَاطِهِ بِالصُّلْحِ.

[فَصْل الْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْحَالِ بِبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا]

فَصْلٌ

وَالْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْحَالِ بِبَعْضِهِ مُؤَجَّلًا حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّأْجِيلُ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْحَالِّ، وَيُقِرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ إلَّا الْمُؤَجَّلَ، وَالْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا أَنْ يَتَفَاسَخَا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَجْعَلَانِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الْحَالِّ، فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَابَّةً أَوْ خَالَفَتْهُ عَلَى عِوَضٍ مُؤَجَّلٍ فَسَخَا الْعَقْدَ ثُمَّ جَعَلَا عِوَضَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ الْحَالَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْفَسْخُ كَالدِّيَةِ وَغَيْرِهَا فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ أَنْ يُعَاوِضَ عَلَى الدَّيْنِ بِسِلْعَةٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ أَتْلَفَ لَهُ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ مِثْلُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَإِنْ كَانَ الْمُتْلَفُ مُتَقَوِّمًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، فَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا جَازَ؛ إذْ هُوَ بَيْعٌ لِلْقِيمَةِ، وَهِيَ دَيْنٌ بِذَلِكَ الْعِوَضِ، وَهُوَ جَائِزٌ

[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ اخْتِلَاف الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي ثَمَنِ مَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ]

[اخْتِلَافُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي ثَمَنِ مَا وَكَّلَهُ فِي شِرَائِهِ]

الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ، فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ، وَقَالَ: أَذِنْت لِي فِي شِرَائِهَا بِأَلْفَيْنِ وَقَدْ فَعَلْت، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفَانِ، وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ وَالْوَكِيلُ مُقِرٌّ أَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَالْأَلْفُ الزَّائِدَةُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْكِنُ الْوَكِيلَ بَيْعُهَا وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ، وَأَنَّ الْأَلْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>