[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ]
حِيلَةٌ فِي إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ]
الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: الْمُطَلَّقَةُ الْبَائِنَةُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا، بَلْ هِيَ مُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، وَهِيَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، وَهِيَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَإِنْ خَافَ الْمُطَلِّقُ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى أَوْ السُّكْنَى وَحْدَهَا فَالْحِيلَةُ فِي تَخْلِيصِهِ أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولَ: إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك لِي مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى أَوْ مِنْ دَعْوَى ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَلَا يُمْكِنُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَدَّعِي بِهِمَا أَلْبَتَّةَ. وَلَهُ حِيلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى نَظِيرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُفْرَضُ عَلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَإِذَا ادَّعَتْ بِذَلِكَ وَفَرَضَهُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ صَارَ لَهَا عَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهَا، فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا وَيُعْطِيَهَا وَإِمَّا أَنْ يَتَقَاصَّا.
[الْمِثَالُ الْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الشِّرَاءِ]
[حِيلَةٌ فِي الشِّرَاءِ] : الْمِثَالُ الْخَمْسُونَ: إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ فَخَافَ أَنْ تُسْتَحَقَّ أَوْ تَظْهَرَ مَعِيبَةً وَلَا يَعْرِفُهُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُقِيمَ لَهُ وَكِيلًا يُخَاصِمُهُ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَعْزِلَ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ الْوَكِيلِ نَفْسِهِ وَيُضَمِّنَهُ دَرَكَ الْمَبِيعِ.
[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ الْحِيلَةُ فِي الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ]
[حِيلَةٌ فِي الْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ]
الْمِثَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ مَتَاعًا مِنْ [بَلَدٍ] غَيْرِ بَلَدِهِ فَاشْتَرَاهُ وَأَرَادَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ وَإِقَامَتُهُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَإِنْ أَوْدَعَهُ غَيْرَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ، وَإِنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فِي دَفْعِهِ إلَيْهِ ضَمِنَ أَيْضًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يُوصِلُهُ إلَيْهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَأْمَنُ غَيْرَهُ عَلَيْهِ؛ فَالْحِيلَةُ فِي إيصَالِهِ إلَى رَبِّهِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَالِ بِرَأْيِهِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ أَوْ أَنْ يُودِعَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ: " لَا يُوَافِينِي بِهِ غَيْرُك " فَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْحِيلَةُ، فَلْيُخْرِجْ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، فَتَصِيرُ يَدُهُ يَدَ مُودِعٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ، بَلْ مُؤْنَةُ رَدِّهَا عَلَى صَاحِبِهَا، فَإِنْ أَحَبَّ أَخْذَ مَالِهِ أَرْسَلَ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ جَاءَ هُوَ فِي طَلَبِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ لَمْ يَعْزِلْ نَفْسَهُ كَانَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ؟
قِيلَ: لَمَّا دَخَلَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ فَقَدْ الْتَزَمَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ، فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ بِهِ، فَإِذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ بَقِيَ كَالْمُودِعِ الْمَحْضِ، فَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ فَهُوَ كَالْأَجِيرِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَلَا يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ قَبْلَ تَوْفِيَةِ الْعَمَلِ كَالْأَجِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute