للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ]

تَخْلِيلُ الْخَمْرِ]

الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا، قَالَ: لَا» وَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ، وَكَانَ عِنْدَهُ خَمْرٌ حِينَ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْنَعُهَا خَلًّا؟ قَالَ: لَا، فَصَبَّهَا حَتَّى سَالَ الْوَادِي» وَقَالَ أَحْمَدُ: ثنا وَكِيعٌ ثنا سُفْيَانُ عَنْ السُّدِّيَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَقَالَ: أَهْرِقْهَا، فَقَالَ: أَفَلَا نَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: لَا» وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا قَالَ: «كَانَ فِي حِجْرِ أَبِي طَلْحَةَ يَتَامَى، فَاشْتَرَى لَهُمْ خَمْرًا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَأَجْعَلُهُ خَلًّا؟ قَالَ: فَأَهْرِقْهُ» وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، فَرُدَّتْ بِحَدِيثٍ مُجْمَلٍ لَا يَثْبُتُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ لَهَا شَاةٌ تَحْلِبُهَا، فَفَقَدَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: مَا فَعَلْت بِشَاتِك؟ فَقُلْت: مَاتَتْ، قَالَ: أَفَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، قُلْت: إنَّهَا مَيْتَةٌ، قَالَ: فَإِنَّ دِبَاغَهَا يَحِلُّ كَمَا يَحِلُّ الْخَلُّ الْخَمْرَ» .

قَالَ الْحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِهِ الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يَحْيَى، وَالْفَرَجِ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَلَمْ يَصِحَّ تَحْلِيلُ خَلِّ الْخَمْرِ مِنْ وَجْهٍ، وَقَدْ فَسَّرَ رِوَايَةَ الْفَرَجِ فَقَالَ: يَعْنِي أَنَّ الْخَمْرَ إذَا تَغَيَّرَتْ فَصَارَتْ خَلًّا حَلَّتْ؛ فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي فَسَّرَهُ رَاوِي الْحَدِيثِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ. وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثُ عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، وَيَقُولُ: حَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَحَادِيثَ مَقْلُوبَةً مُنْكَرَةً، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.

وَرُدَّتْ بِحَدِيثٍ وَاهٍ مِنْ رِوَايَةِ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ: «خَيْرُ خَلِّكُمْ خَلُّ خَمْرِكُمْ» وَمُغِيرَةُ هَذَا يُقَالُ لَهُ أَبُو هِشَامٍ الْمَكْفُوفُ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ عِنْدَهُمْ، وَيُقَالُ: إنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبِي الزُّبَيْرِ بِجُمْلَةٍ مِنْ الْمَنَاكِيرِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ مَوْضُوعٍ، فَكَيْفَ يُعَارَضُ بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَحْفُوظَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّهْيِ عَنْ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ؟ وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.

قَالَ الْحَاكِمُ: سَمِعْت أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْحِيرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْت قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: قَدِمْت الْمَدِينَةَ أَيَّامَ مَالِكٍ، فَتَقَدَّمْت إلَى قَاضٍ فَقُلْت: عِنْدَك خَلُّ خَمْرٍ؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فِي حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: ثُمَّ قَدِمْت بَعْدَ مَوْتِ مَالِكٍ، فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُمْ، فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيَّ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ اصْطِبَاغِهِ بِخَلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>