للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَّنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ الزَّائِدُ نَاسِخًا لِلْمَزِيدِ عَلَيْهِ؛ إذْ حُكْمُهُ مِنْ الْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ بَاقٍ؛ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَزِيدِ لَا تَكُونُ نَاسِخًا لَهُ، حَيْثُ لَمْ تَرْفَعْ حُكْمَهُ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حُكْمِهِ وَقَدْ ضُمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ.

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ رَفَعَتْ حُكْمًا خِطَابِيًّا كَانَتْ نَسْخًا، وَزِيَادَةُ التَّغْرِيبِ وَشُرُوطُ الْحُكْمِ وَمَوَانِعِهِ وَجَزَاؤُهُ لَا تَرْفَعُ حُكْمَ الْخِطَابِ، وَإِنْ رُفِعَ حُكْمُ الِاسْتِصْحَابِ.

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ كَوْنِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ الْوَاجِبِ وَكَوْنِهِ مُجْزِئًا وَحْدَهُ وَكَوْنِ الْإِثْمِ مَحْطُوطًا عَمَّنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ فَهُوَ حُكْمٌ اسْتِصْحَابِيٌّ لَمْ نَسْتَفِدْهُ مِنْ لَفْظِ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا أُرِيدَ بِهِ؛ فَإِنَّ مَعْنَى كَوْنِ الْعِبَادَةِ مُجْزِئَةً أَنَّ الذِّمَّةَ بَرِيئَةٌ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا، وَحَطُّ الذَّمِّ عَنْ فَاعِلِهَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمْرِ فَلَا يَلْحَقُهُ ذَمٌّ، وَالزِّيَادَةُ وَإِنْ رَفَعَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامَ لَمْ تَرْفَعْ حُكْمًا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَزِيدِ.

[تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]

[تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ جَائِزٌ]

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ تَخْصِيصَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ جَائِزٌ كَمَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَخْصِيصِ قَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا» وَعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» وَعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كُثْرٍ» وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ؛ فَإِذَا جَازَ التَّخْصِيصُ - وَهُوَ رَفْعُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، وَهُوَ نُقْصَانٌ مِنْ مَعْنَاهُ فَلَأَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ الَّتِي لَا تَتَضَمَّنُ رَفْعَ شَيْءٍ مِنْ مَدْلُولِهِ وَلَا نُقْصَانِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُوجِبُ رَفْعَ الْمَزِيدِ لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا وَلَا عَقْلًا، وَلَا تَقُولُ الْعُقَلَاءُ لِمَنْ ازْدَادَ خَيْرُهُ أَوْ مَالُهُ أَوْ جَاهُهُ أَوْ عِلْمُهُ أَوْ وَلَدُهُ إنَّهُ قَدْ ارْتَفَعَ شَيْءٌ مِمَّا فِي الْكِيسِ، بَلْ تَقُولُ فِي: الْوَجْهِ الْخَامِسَ عَشَرَ: إنَّ الزِّيَادَةَ قَرَّرَتْ حُكْمَ الْمَزِيدِ وَزَادَتْهُ بَيَانًا وَتَأْكِيدًا؛ فَهِيَ كَزِيَادَةِ الْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالْإِيمَانِ، قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>