للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. وَالرَّابِعُ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَيَذْكُرُ قَوْلًا لَهُ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَالْخَامِسُ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ إبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ. وَالسَّادِسُ قَوْلُ الْقَفَّالِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُحْكَى عَنْهُ نَفْسِهِ.

وَالسَّابِعُ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَقَوْلُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصَحُّ وَأَفْقَهُ وَأَقْرَبُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصَلِّ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْجِيلِ بَعْضِ الْمَهْرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجَّلِ]

فَصْلٌ

[أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْجِيلِ بَعْضِ الْمَهْرِ وَحُكْمُ الْمُؤَجَّلِ]

الْمِثَالُ التَّاسِعُ: الْإِلْزَامُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى تَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا أَجَلًا، بَلْ قَالَ الزَّوْجُ: مِائَةٌ مُقَدَّمَةٌ وَمِائَةٌ مُؤَخَّرَةٌ، فَإِنَّ الْمُؤَخَّرَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ لَا يَحِلُّ الْآجِلُ إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ، وَاخْتَارَهُ قُدَمَاءُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَلَهُ فِيهِ رِسَالَةٌ كَتَبَهَا إلَى مَالِكٍ يُنْكِرُ عَلَيْهِ خِلَافَ هَذَا الْقَوْلِ سَنَذْكُرُهَا بِإِسْنَادِهَا وَلَفْظِهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: يَبْطُلُ الْآجِلُ لِجَهَالَةِ مَحِلِّهِ، وَيَكُونُ حَالًّا، وَقَالَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: يَصِحُّ الْآجِلُ، وَلَا يَحِلُّ الصَّدَاقُ إلَّا أَنْ يُفَارِقَهَا أَوْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا؛ فَلَهَا حِينَئِذٍ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: يَحِلُّ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ: تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ بِجَهَالَةِ أَجَلِهِ فَتَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: كَانَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يَكْرَهُونَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ مُؤَخَّرًا وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إنَّمَا الصَّدَاقُ فِيمَا مَضَى نَاجِزٌ كُلُّهُ، فَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مُؤَخَّرًا فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ فِي ذَلِكَ، وَحَكَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَأْخِيرَهُ إلَى السَّنَتَيْنِ وَالْأَرْبَعِ، وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ إلَى السَّنَةِ، وَعَنْهُ إنْ زَادَ الْأَجَلُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً فُسِخَ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ فُسِخَ، وَعَنْهُ إلَى الْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ، حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ الْأَجَلَ الطَّوِيلَ مِثْلُ مَا لَوْ تَزَوَّجَهَا إلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَصْبَغُ أَنَّهُ شَهِدَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنَ الْقَاسِمِ تَذَاكَرَا الْأَجَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَرَى فِيهِ الْعِشْرِينَ فَدُونَ فَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ فَمَفْسُوخٌ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا مَعَك عَلَى هَذَا، فَأَقَامَ ابْنُ وَهْبٍ عَلَى رَأْيِهِ، وَرَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ: لَا أَفْسَخُهُ إلَى أَرْبَعِينَ وَأَفْسَخُهُ فِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَصْبَغُ: وَبِهِ أَخَذَ وَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ نَدْبًا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>