أَخَّرَهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا فَعَلَ هَذَا فَقَدْ اسْتَوْثَقَ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى صَالَحَهُ عَلَى مِائَتَيْنِ، وَقَدْ حَطَّ عَنْهُ الْبَاقِيَ يَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا مِائَتَا دِرْهَمٍ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ الْمِائَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَلَى مِائَةٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي شَهْرِ كَذَا فَإِنْ أَخَّرَهَا فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ عَلَى قَوْلِ الْجَمِيعِ فَسْخُ الْعَقْدِ مُعَلَّقًا بِتَرْكِ النَّقْدِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبَيْعِ.
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي سَنَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ أُخْرَى، فَهِيَ كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ إيجَابَ الْمَالِ بِخَطَرٍ، وَتَعْلِيقُ الْمَالِ بِالْأَخْطَارِ لَا يَجُوزُ، وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَيَكْتُبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا، ثُمَّ يُصَالِحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يُؤَدِّيهَا إلَيْهِ فِي سَنَتَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا صُلْحَ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ تَعْلِيقًا لِلْفَسْخِ بِخَطَرٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ؛ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ إلَى سَنَتَيْنِ فَأَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يُصَالِحَ سَيِّدَهُ عَلَى النِّصْفِ يُعَجِّلَهَا لَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَيُبْطِلُهُ غَيْرُنَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ صُلْحُ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ]
[صُلْحُ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ]
الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ: قَالَ الْقَاضِي: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ فَجَاءَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ؛ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، جَازَ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ صَالَحَ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ صَالَحَ مِنْ أَلْفٍ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ؛ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ يَأْخُذُهُ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، وَحِصَّةُ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، وَجَهَالَةُ الْعِوَضِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ فَالْحِيلَةُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْبَيْتَ لِلشَّفِيعِ وَالدَّارَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّفِيعُ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ مُسَمًّى، ثُمَّ يُسَلِّمَ الشَّفِيعَ لِلْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، وَشِرَاءُ الشَّفِيعِ لِهَذَا الْبَيْتِ تَسْلِيمٌ لِلشُّفْعَةِ، وَمُسَاوَمَتُهُ بِالْبَيْتِ تَسْلِيمٌ لِلشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى كَانَ عِوَضُ الْبَيْتِ مَعْلُومًا، وَدُخُولُهُ فِي شِرَاءِ الْبَيْتِ تَسْلِيمٌ لِلشُّفْعَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَيْتَ بِهَذَا الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُسَلِّمًا لِلشُّفْعَةِ حَتَّى يَجِبَ لَهُ الْبَيْتُ أَنْ يَبْدَأَ الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ لِلشَّفِيعِ: هَذَا الْبَيْتُ ابْتَعْتُهُ لَك بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، فَيَقُولُ الشَّفِيعُ: قَدْ رَضِيت وَاسْتَوْجَبْت؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ: " هَذَا الْبَيْتُ لَك بِكَذَا " لَمْ يَكُنْ الشَّفِيعُ مُسَلِّمًا لِلشُّفْعَةِ.
[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ مُشَارَكَةُ الْعَامِلِ لِلْمَالِكِ وَأَنْوَاعُهَا]
[مُشَارَكَةُ الْعَامِلِ لِلْمَالِكِ، وَأَنْوَاعُهَا]
الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ: تَجُوزُ الْمُغَارَسَةُ عِنْدَنَا عَلَى شَجَرِ الْجَوْزِ وَغَيْرِهِ، بِأَنْ يَدْفَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute