للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْهَا بِآرَاءِ الرِّجَالِ وَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ جَعَلَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ وَأَقْوَالَ الصَّحَابَةِ نُصْبَ عَيْنَيْهِ وَعَرَضَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً فَبُطْلَانُهُ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرْعِ، وَلَا يَتِمُّ الدِّينُ إلَّا بِإِنْكَارِهِ وَإِبْطَالِهِ، فَهَذَا لَوْنٌ وَالِاتِّبَاعُ لَوْنٌ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ]

[الرِّوَايَةُ غَيْرُ التَّقْلِيدِ] : الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: قَوْلُكُمْ " كُلُّ حُجَّةٍ أَثَرِيَّةٍ احْتَجَجْتُمْ بِهَا عَلَى بُطْلَانِ التَّقْلِيدِ فَأَنْتُمْ مُقَلِّدُونَ لِحَمَلَتِهَا وَرُوَاتِهَا، وَلَيْسَ بِيَدِ الْعَالِمِ إلَّا تَقْلِيدُ الرَّاوِي، وَلَا بِيَدِ الْحَاكِمِ إلَّا تَقْلِيدُ الشَّاهِدِ، وَلَا بِيَدِ الْعَامِّيِّ إلَّا تَقْلِيدُ الْعَالِمِ، إلَى آخِرِهِ ".

جَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ مِرَارًا مِنْ أَنَّ هَذَا الَّذِي سَمَّيْتُمُوهُ تَقْلِيدًا هُوَ اتِّبَاعُ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا تَقْلِيدًا لَكَانَ كُلُّ عَالِمٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَعْدَ الصَّحَابَةِ مُقَلِّدًا، بَلْ كَانَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْ نُظَرَائِهِمْ مُقَلِّدِينَ. وَمِثْلُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ لَا يَصْدُرُ إلَّا مِنْ مُشَاغِبٍ أَوْ مُلَبِّسٍ يَقْصِدُ لَبْسَ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَالْمُقَلِّدُ لِجَهْلِهِ أَخَذَ نَوْعًا صَحِيحًا مِنْ أَنْوَاعِ التَّقْلِيدِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى النَّوْعِ الْبَاطِلِ مِنْهُ لِوُجُودِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَغَفَلَ عَنْ الْقَدْرِ الْفَارِقِ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْبَاطِلُ الْمُتَّفَقُ عَلَى ذَمِّهِ، وَهُوَ أَخُو هَذَا التَّقْلِيدِ الْبَاطِلِ، كِلَاهُمَا فِي الْبُطْلَانِ سَوَاءٌ.

وَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ خَبَرَ الصَّادِقِ حُجَّةً وَشَهَادَةَ الْعَدْلِ حُجَّةً لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعُ الْحُجَّةَ مُقَلِّدًا، وَإِذَا قِيلَ: إنَّهُ مُقَلِّدٌ لِلْحُجَّةِ فَجَهْلًا بِهَذَا التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهَلْ تُدَنْدِنُ إلَّا حَوْلَهُ؟ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[ادِّعَاءِ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَسْلَمُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ]

[الْجَوَابُ عَلَى ادِّعَاءِ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَسْلَمُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ]

الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ: قَوْلُكُمْ " أَنْتُمْ مَنَعْتُمْ مِنْ التَّقْلِيدِ خَشْيَةَ وُقُوعِ الْمُقَلِّدِ فِي الْخَطَأِ بِأَنْ يَكُونَ مَنْ قَلَّدَهُ مُخْطِئًا فِي فَتْوَاهُ، ثُمَّ أَوْجَبْتُمْ عَلَيْهِ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَوَابَهُ فِي تَقْلِيدِهِ لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ أَقْرَبُ مِنْ اجْتِهَادِهِ هُوَ لِنَفْسِهِ، كَمَنْ أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةٍ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِهَا فَإِنَّهُ إذَا قَلَّدَ عَالِمًا بِتِلْكَ السِّلْعَةِ خَبِيرًا بِهَا أَمِينًا نَاصِحًا كَانَ صَوَابُهُ وَحُصُولُ غَرَضِهِ أَقْرَبَ مِنْ اجْتِهَادِهِ لِنَفْسِهِ "، جَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّا مَنَعْنَا التَّقْلِيدَ طَاعَةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ مَنَعَ مِنْهُ، وَذَمَّ أَهْلَهُ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَرَ بِتَحْكِيمِهِ وَتَحْكِيمِ رَسُولِهِ وَرَدِّ مَا تَنَازَعَتْ فِيهِ الْأُمَّةُ إلَيْهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَهُ وَحْدَهُ، وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ وَدُونِ رَسُولِهِ وَلِيجَةً، وَأَمَرَ أَنْ يُعْتَصَمَ بِكِتَابِهِ، وَنَهَى أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ وَأَرْبَابًا يُحِلُّ مَنْ اتَّخَذَهُمْ مَا أَحَلُّوهُ وَيُحَرِّمُ مَا حَرَّمُوهُ، وَجَعَلَ مَنْ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>